وَالْعصر وَلذَلِك خلق وَاسِعًا عَظِيم التجويف وَخلق للمعي طبقتان للِاحْتِيَاط فِي أَن لَا يفشو الْفساد والعفن المهيأ لَهما عِنْد أدنى اَفة تلْحقهُ سَرِيعا ولاختلاف الْفِعْلَيْنِ فِي الطبقتين وخلقت هَذِه القصبة مُسْتَقِيمَة الْخلقَة ممتدة من الْمعدة إِلَى أَسْفَل ليَكُون أول الاندفاع متيسراً فَإِن نُفُوذ الثقيل فِي الممتد الْمُسْتَقيم إِلَى أَسْفَل أسْرع مِنْهُ فِي المعوج أَو المضطجع وَكَانَت هَذِه الْخلقَة فِيهَا أَيْضا نافعة فِي معنى آخر وَهُوَ أَنَّهَا إِذا نفذت مُسْتَقِيمَة خلت يمنتها ويسرتها مَكَانا لسَائِر الْأَعْضَاء المكتنفة للمعدة من الْجَانِبَيْنِ كشطر من الكبد يمنة وكالطحال يسرة وَسَائِر الامعاء ولقبت بالإثني عشري لِأَن طولهَا هَذَا الْقدر من أَصَابِع صَاحبهَا وسعتها سَعَة فَمَا الْمُسَمّى بواباً. والجزء من الأمعاء الرقيقة الَّتِي تلِي الإثني عشري يُسمى صَائِما: وَهَذَا الْجُزْء فِيهِ ابْتِدَاء التلفف والانطواء والتلوي وَكَانَ فِيهِ مخازن كَثِيرَة. وَقد سمّي هَذَا المعي صَائِما لِأَنَّهُ يُوجد فِي الْأَكْثَر فَارغًا خَالِيا. وَالسَّبَب فِي ذَلِك تعاضد أَمريْن: أَحدهمَا أَن الَّذِي ينجذب إِلَيْهِ من الكيلوس يسْرع إِلَيْهِ الِانْفِصَال عَنهُ فطائفة تنجذب نَحْو الكبد لِأَن الْعُرُوق الماساريقية أَكْثَرهَا مُتَّصِل بِهَذَا المعي لِأَن هَذَا االمعي أقرب الأمعاء من الكبد وَلَيْسَ فِي شَيْء من الأمعاء من شعب الماساريقا مَا فِيهِ وَبعده الإثنا عشري وَهَذَا المعي يضيق ويضمر ويصغر فِي الْمَرَض جدا وَطَائِفَة أُخْرَى تنفصل عَنهُ إِلَى مَا تَحْتَهُ من الأمعاء لِأَن الْمرة الصَّفْرَاء تتحلب من المرارة إِلَى هَذَا المعي وَهِي خَالِصَة غير مشوبة فَتكون قَوِيَّة الْغسْل شَدِيد تهييج الْقُوَّة باللذع فِيمَا تغسل تعين على الدّفع إِلَى أَسْفَل وَبِمَا تهيج المافعة تعين على الدّفع إِلَى الْجِهَتَيْنِ جَمِيعًا أَعنِي إِلَى للكبد وَإِلَى أَسْفَل فبعرض بسسبب هَذِه الْأَحْوَال أَن يبْقى هَذَا الْجُزْء من الأمعاء خَالِيا وَيُسمى لذَلِك صَائِما. ويتصل بالصائم جُزْء من المعي طَوِيل متلفف مستدير استدارة بعد أُخْرَى. وَالْمَنْفَعَة فِي كَثْرَة تلافيفه وَوُقُوع الاستدارات فِيهِ مَا قد شرحناه فِي القصول الْمُتَقَدّمَة وَهُوَ أَن يكون للغذاء فِيهِ مكث وَمَعَ الْمكْث اتِّصَال بفوهات الْعُرُوق الماصة بعد اتِّصَال وَهَذَا المعي آخر الأمعاء الْعليا الَّتِي تسمى دقاقاً والهضم فِيهَا أَكثر مِنْهُ فِي الأمعاء السُّفْلى الَّتِي تسمى غلاظاً فَإِن الأمعاء السُّفْلى جلّ فعلهَا فِي تهيئة الثفل للإبراز وَإِن كَانَت أَيْضا لَا تَخْلُو عَن هضم كَمَا لَا تَخْلُو عَن عروق كبدية تأتيها. بمص وجذب. ويتصل بِأَسْفَل الدقاق معي يُسمى الْأَعْوَر وسميَ بذلك لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِلَّا فَم وَاحِد مِنْهُ يقبل مَا وَقد خلق لمنافع مِنْهَا أَن يكون للثفل مَكَان يحصر فِيهِ فَلَا يحوج إِلَى الْقيام كل سَاعَة وَفِي كل وَقت يصل إِلَى الأمعاء السفلي قَلِيل مِنْهُ بل يكون مخزناً يجْتَمع فِيهِ بكليته
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute