للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعرف بالأعور ثمَّ معي يعرف بالقولون ثمَّ معي يعرف بالستقيم وَهُوَ السرم. وَهَذِه الأمعاء كلهَا مربوطة بالصلب برباطات تشدها على وَاجِب أوضاعها. وخلقت الْعليا مِنْهَا رقيقَة الْجَوْهَر لِأَن حَاجَة مَا فِيهَا إِلَى الإنضاج ونفوذ قُوَّة الكبد إِلَيْهَا أَكثر من الْحَاجة فِي الأمعاء السُّفْلى وَلِأَن مَا يتضمنه لطيف لَا يخْشَى فَسخه لجوهر المعي بنفوذه فِيهِ ومروره بِهِ وَلَا خدشه لَهُ. والسفلى مبتدأه من الْأَعْوَر غَلِيظَة ثخينة مشحمة الْبَاطِن لتَكون مقاومة للثفل الَّذِي إِنَّمَا يصلب ويكثف أَكْثَره هُنَاكَ وَكَذَلِكَ إِنَّمَا يتعفن إِذا أَخذ يتعفن فِيهِ. والعليا لَا شَحم عَلَيْهَا وَلَكِن لم تخل فِي الْخلقَة من تغرية سطحها الدَّاخِل لزجة مخاطية تقوم لَهَا مقَام الشَّحْم والمعي الإثني عشري مُتَّصِل قَعْر الْمعدة وَله فَم يَلِي الْمعدة يُسمى البواب. وَهَذَا بِالْجُمْلَةِ مُقَابل للمريء فَكَمَا أَن المريء إِنَّمَا هُوَ للجذب إِلَى الْمعدة من فَوق فَكَذَلِك هَذَا إِنَّمَا هُوَ للدَّفْع عَن الْمعدة من تَحت فَهُوَ أضيق من المريء وَاسْتغْنى فِي الْخلقَة عَن توسيعه توسيع المريء لأمرين. أَحدهمَا أَن الشَّيْء الَّذِي ينفذ فِي المريء أخشن وأصلب وَأعظم حجماً وَالَّذِي ينفذ فِي هَذَا المعي أَلين وأسلس وأرقّ حجماً لانهضامه فِي الْمعدة واختلاط الرطوله المائية بِهِ. والثالْي: أَن النَّافِذ فِي المري لَا يتعاطاه من القوى الطبيعية إِلَّا قُوَّة وَاحِدَة وَإِن كَانَت الإرادية تعينها فَإِنَّهَا تعينها من جِهَة وَاحِدَة وَهِي الجاذبة فأعينت بتفسيح المسيل وتوسيعه. وَأما النَّافِذ فِي المعي الأول فَإِنَّهُ ينفعل عَن قوتين: إِحْدَاهمَا الدافعة الَّتِي هِيَ فِي الْمعدة وَالْأُخْرَى الجاذبة الَّتِي فِي المعي ويرافدها الْعقل الَّذِي يحصل بجملة الطَّعَام فيسهل بذلك اندفاعه فِي المسيل المعتدل السعَة وَهَذِه القصبة تخَالف المري فِي أَن المريء كجزء من الْمعدة مشاكل لَهَا فِي هَيْئَة تأليفها من الطَّبَقَات. وَأما هَذِه القصبة فكشيء غَرِيب ملصق بهَا مُخَالف فِي جَوْهَر طبقاته لطبقتي الْمعدة إِذْ كَانَت الْمعدة تحْتَاج إِلَى جذب قوي لَا يحْتَاج إِلَى مثله المعي فَلذَلِك الْغَالِب على طبقتي المعي الليف الذَّاهِب فِي الْعرض وَلَكِن المعي الْمُسْتَقيم قد ظهر فِيهِ لِيف كثير بالطول لِأَنَّهُ منق للأمعاء عَظِيم النَّفْع يحْتَاج إِلَى جذب لما فَوْقه ليستعين بِهِ على جودة الْعَصْر وَالدَّفْع والإخراج فَإِن الْقَلِيل عَاص على المخ

<<  <  ج: ص:  >  >>