للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقد يستقبح من الطَّبِيب الْعَالم بدلائل كل حمى وأعراضها أَن لَا يفْطن للتركيب من أول يَوْم أَو الثَّانِي وتركيب حمّى الدق مَعَ العفونة مِمَّا يشكل جدا لأَنهم يرَوْنَ فترات أَو ابتداءات للنافض والقشعريرة ومعاودات للعرق إِن كَانَت وأوقات جزئيه فيظنون أَن هُنَاكَ حميات عفونة فَقَط لَازِمَة أَو مركبة من لَازِمَة ومفترة وَقد يتوالى التَّرْكِيب حَتَّى تظهر حمى وَاحِدَة مُتَّصِلَة متشابهة تشبه سونوخس وَلَا يكون حِينَئِذٍ بُد من الرُّجُوع إِلَى الدَّلَائِل وَإِذا كَانَت النوائب قَصِيرَة لم يتلاحق اتصالها إِلَّا لأمر عَظِيم من كَثْرَة عَددهَا وخاصة فِيمَا فتراته طَوِيلَة. وَإِذا تركبت حميات مُخْتَلفَة مثل شطر الغب أقلع الأحدّ مِنْهُمَا وَبقيت المزمنة صرفة كَانَتَا مفترتين أَو لازمتين أَو مفترة ولازمة وَرُبمَا تركب مَعَ شطر الغب غب أُخْرَى وبلغمية وسوداوية فَإِن كَانَت مَعَ غب أقلعت الغب وخلص الشّطْر وان كَانَت مَعَ بلغمية أَو سوداوية أقلعت شطر الغب وخلصت البلغمية والسوداوية وَقد يَقع التَّرْكِيب فِيهَا على وَجه آخر وَهُوَ أَن تتركب مفترة ولازمة مختلفتا الْجِنْس أَو متفقتاه أَو متفقتا النَّوْع مثل غب دَائِرَة مَعَ غب لَازِمَة وكما أَنه قد تتركب مفترتان كَذَلِك قد تتركب لازمتان وَقد زَعَمُوا أَن لازمتين لَا يتركبان مثل غبين لِأَن الْمَادَّة إِذا كَانَت دَاخل الْعُرُوق لم يُمكن أَن يخْتَلف مَا يَقع فِيهِ العفن بل العفن يكون فاشياً فِي الْجَمِيع وَلَيْسَ هَذَا الرَّأْي مِمَّا يجب لَا محَالة عِنْدِي وَذَلِكَ لِأَن العفن يَبْتَدِئ لَا محَالة من مَوضِع ثمَّ يفشو ثمَّ تجْرِي أَحْكَام الاشتداد والتفتير على تَارِيخ العفن الأول وَتَكون لَهُ حركات بِحَسبِهِ فَلَا يبعد أَن يتَّفق عفن لَهُ سُلْطَان مَا يبتدىء فِي جُزْء من الْموَاد لَيْسَ سُلْطَان مَا يتبع غَيره بل يجْتَمع فِيهِ أَن يبتدىء وَأَن يتبع مَعًا فَيكون لَهُ تَارِيخ تفتير واشتداد وأصناف تركيب الحميات ثَلَاثَة: مداخلة ومبادلة ومشابكة. فالمداخلة أَن تدخل أَحدهمَا على الْأُخْرَى. والمبادلة أَن تدخل بعد إقلاعها. والمشابكة أَن تَأْخُذ مَعهَا. وَإِذا رَأَيْت حمى مطبقة وفيهَا نافض وَلَا عرق وَرُبمَا يَقع فِي نوافض كَثِيرَة عرق وَاحِد فاشهد بالتركيب. وَكَذَلِكَ إِذا رَأَيْت فِي المطبقة إفراطاً فِي برد الْأَطْرَاف والتقبض وَأما الْقَلِيل مِنْهَا فَرُبمَا كَانَ فِي المطبقة. فصل فِي شطر الغبّ إِن شطر الغبّ هِيَ حمى مركبة من حمّيين: إِحْدَاهمَا غبّ وَالْأُخْرَى بلغمية. فَيكون فِي يَوْم وَاحِد نوبَة للغبّ والبلغمية مَعًا إِمَّا على سَبِيل المشابكة والتوافي وَإِمَّا على سَبِيل الْمُبَادلَة والجوار وَإِمَّا على سَبِيل المداخلة والطروّ. وأصعب الْأَقْسَام تعرّفاً هُوَ الأول ثمَّ الثَّانِي وَقد تكون الحمّيان لازمتين لِأَن العفونتين داخلتان وَقد تَكُونَانِ دائرتين يقلعان لِأَن العفونتين خارجتان وَقد تكون الصفراوية لَازِمَة عفونتها دَاخِلَة والبلغمية بِالْخِلَافِ وَقد لَكون بِالْعَكْسِ. وَقد يجْعَلُونَ شطر الغبّ الْخَالِصَة الحمّى المركبة الَّتِي تكون من غبّ خَارِجَة وبلغمية دَاخِلَة وَمَا سوى هَذِه فيعدونه غير خَالِصَة. وَلَيْسَ ذَلِك مِمَّا يَنْبَغِي أَن يشْتَغل بِهِ فضل اشْتِغَال. وَرُبمَا كَانَت السَّابِقَة إِلَى العفونة هِيَ الصفراوية وَرُبمَا توافقا مَعًا وَأَيْضًا فَتَارَة

<<  <  ج: ص:  >  >>