للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تكون الْمَادَّة الفاعلة للحمّى البلغمية أغلب وَتارَة الْمَادَّة الفاعلة للحمّى الصفراوية أغلب وَكَيف كَانَ فَإِن الْمَادَّة البلغمية تجْعَل نَوَائِب الصفراوية أطول وَأَبْطَأ بُحراناً والمادة الصفراوية تجْعَل نَوَائِب البلغمية بالضدّ وَرُبمَا امْتَدَّ شطر الغب مُدَّة طويِلة إِلَى تِسْعَة أشهر فَمَا فَوْقهَا وَقد يكون من شطر الغبّ مرض حاد وَقد يكون شطر الغبّ من أقتل الحمّيات لِأَنَّهَا تُؤدِّي إِلَى الدِّق وَإِلَى أمراض مزمنة عسرة. فصل فِي عَلَامَات شطر الغبّ أخصّ علاماتها وأولها وَإِن كَانَ لَا بدّ من قَرَائِن أُخْرَى هُوَ أَن تكون مُدَّة الْحمى فِي أحد الْيَوْمَيْنِ أطول من مُدَّة الغبّ وأسكن ثمَّ يكون الْيَوْم الآخر أخف نوبَة وَأَقل أعراضاً وَقد تَتَكَرَّر فِيهَا القشعريرة فِي أَكثر الْأَمر مرَارًا لما يعرض من تصارع الْمَادَّتَيْنِ أَو لدُخُول إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى وَرُبمَا وَقع هَذَا التكرير ثَلَاث مَرَّات وَقد تسخن أَعْضَاء مَا والقشعريرة ثَابِتَة بعد وَهَذِه الَّتِي هِيَ شطر الغب فَإِن الْبدن لَا ينقى مِنْهَا نقاءً تَاما وَيكون ابْتِدَاؤُهَا وتزيدها شديدي الإضطراب وخصوصاً إِذا كَانَ تشابك أَو كَانَ تدَاخل فِي مثل ذَلِك الْوَقْت وَحِينَئِذٍ يكون للقشعريرة عودات وَيكون الْمُنْتَهى طَويلا وَكلما ظَنَنْت أَن الْبدن قد تسخن والحمى هَذِه قد انْتَهَت وجدت قشعريرة معاودة وَذَلِكَ لمجاهدة الْأَعْرَاض بمجاهدة الأخلاط ومنتهى هَذِه الْحمى فِي الْأَوْقَات الْجُزْئِيَّة والكلية قبل مُنْتَهى البلغمية وأسرع مِنْهُ وَأَبْطَأ من مُنْتَهى المرارية لِأَن الْحَرَارَة لَا تنبسط إِلَّا بكد وخصوصاً فِي الأول وتشتد حدتها عِنْد الْمُنْتَهى وَكَذَلِكَ يكون الانحطاط طَويلا لما يعرض من وقفات توجبها مُنَازعَة إِحْدَى الْمَادَّتَيْنِ الْأُخْرَى وقلما تفتر بالعرق. وَهَذِه الْحمى فَإِن الْيَوْم الثَّالِث من أَيَّامهَا يشبه الأول وَالرَّابِع الثَّانِي. وَقد يَقع الِاسْتِدْلَال على شطر الغب من وُجُوه مُخْتَلفَة فقد يَقع من الْعَادَات وَقد يَقع من الْأَعْرَاض. والوقوع من الْعَادَات هُوَ مثل أَن يكون إِنْسَان تكْثر فِي بدنه الصَّفْرَاء وعفونتها. ثمَّ ترفه وَترك رياضات وَاسْتعْمل أغذية وأصنافاً من التَّدْبِير تولد البلغم أَو يكون الْإِنْسَان يكثر فِي بدنه البلغم وعفونته ثمَّ ارتاض كثيرا ويعرض لما يُولد الصَّفْرَاء من أَصْنَاف التَّدْبِير أَو أوجب السن فِيهِ ذَلِك بِأَن شبّ بعد صبا وَغَلَبَة رُطُوبَة أَو اكتهل بعد شباب وحدة مزاج. وَأما من الْأَعْرَاض فَمن مثل النبض وَالْبَوْل وبروز مَا يبرز من الْقَيْء وَالْبرَاز وَحَال النضج وعلاماته وَحَال للعطش وَحَال اللَّمْس وَحَال القشعريرة والنافض وأحوال الْأَوْقَات والنوائب. فَأَما النبض فَيكون فِيهِ أقل عظما وَسُرْعَة وتواترأً مِمَّا يكون فِي الغب وَأَقل فِي أضدادها مِمَّا يكون فِي البلغمية. وَأما الْبَوْل فَيكون بطيء النضج والقيء فَيكون مختلطاً من مرار وبلغم وَالْبرَاز مختلطاً من مرار وبلغم.

<<  <  ج: ص:  >  >>