وعلاجها كَمَا علمت يُخَالف علاج الأورام الْأُخْرَى فِي أَنَّهَا لَا تبدأ بالدفْع وَلَا تسّتعمل فِيهَا ذَلِك بل الاستفراغ بالفصد والإسهال مِمَّا لَا بُد مِنْهُ. وَأما العلاج الآخر فَيتَوَقَّف فِيهِ إِن أمكن حَتَّى تستبان الْحَال فَإِن كَانَ على سَبِيل البحران أَو على سَبِيل الدّفع عَن عُضْو رَئِيس فَلَا يَنْبَغِي أَن يمْنَع الْبَتَّةَ بل يجذب إِلَى الْعُضْو أَي جذب أمكن وَلَو بالمحاجم. وَأما إِن كَانَ لِكَثْرَة الإمتلاء فالإستفراغ هُوَ الأَصْل وتقليل الْغذَاء وتلطيفه وَلَا تسْتَعْمل الدافعات بل المرخيات مَعَ أَنه لَا تسْتَعْمل المرخيات أَيْضا من غير استفراغ فَرُبمَا حَتَّى ذَلِك على الْعُضْو يجذب الْمَادَّة الْكَثِيرَة. بل إِذا اسْتعْملت المرخّيات فاستفرغ مَعَ ذَلِك واجذب الْمَادَّة إِلَى الْخلاف. والخطر فِي الدافعات رد الْمَادَّة إِلَى الأحشاء والأعضاء الرئيسة والخطر فِي المرخيات جلب مَادَّة كَثِيرَة. والاستفراغ وإمالة الْمَادَّة تؤمن مضرَّة المرخيات. وَإِذا اشْتَدَّ الوجع فَلَا بُد من تسكينه بِمثل صوفة مبلولة بِزَيْت حَار ثمَّ يُزَاد فِيهِ فِي آخِره الْملح حَتَّى يسكن الورم بِمَا يتَحَلَّل وَفِي الأول رُبمَا زَاد فِي الوجع. وَإِذا كَانَ الْبدن نقياً أَو نقيته فحلل وَلَا تبال وَرُبمَا نجع فِي التَّحْلِيل مثل دَقِيق الْحِنْطَة وَأسلم مِنْهُ دَقِيق الشّعير وَرُبمَا عظم الْمُحَلّل الْقوي الورم فَلَا يسْتَعْمل إِلَّا إِذا احْتِيجَ إِلَى دفع من الْأَعْضَاء الرئيسة لجذبه الْمَادَّة عَنْهَا إِلَى الورم خوفًا على تِلْكَ الرئيسة وَكَثِيرًا مَا يبرئها فِي الإبتداء الزَّيْت المسخن وَحده يصب عَلَيْهِ. وَأما إِذا كَانَ الورم فِي لحم رخو هُوَ فِي عُضْو شرِيف مثل الثدي والخصية وَلم تخف من مَنعه فصل فِي الخراجات الحارة وَالْخَرَاج من جملَة الدبيلات مَا جمع من الأورام الحارة فَكَانَ اسْم الدُّبَيْلَة يَقع على كل تورم يتفرغ فِي بَاطِنه مَوضِع تنصب إِلَيْهِ مَادَّة مَا فَتبقى فِيهِ أَيَّة مَادَّة كَانَت. وَالْخَرَاج مَا كَانَ من جملَة ذَلِك حاراً فَيجمع الْمدَّة وَقد يبتدىء الورم الْحَار كَمَا هُوَ جمع وتفرق اتِّصَال بَاطِن وَقد لَا يبتدىء كَذَلِك بل يبتدىء فِي ابْتِدَاء الأورام اَلحادة الصَّحِيحَة ثمَّ يَؤول أمره عِنْد الْمُنْتَهى أَن يَأْخُذ فِي الْجمع. ولنؤخر الْكَلَام فِي الدبيلات البارعة الَّتِي تحتوي على أخلاط مخاطية وجصية وحصويه ورملية وشعرية وَغير ذَلِك وعَلى أَن من النَّاس من خص باسم الدبيلات مَا فِيهِ أخلاط من هَذَا الْجِنْس. لَكنا الْآن نتكلم فِيمَا يجمع الْمدَّة فَإِن هَذَا ابْتَدَأَ إخراجاً لمادة دفعتها الطبيعة فَلم يُمكن أَن تنفذ فِي الْجلد وَلَا أَن يتشربها اللَّحْم بل فرقت لَهَا اتِّصَالًا لغلظها تفريقاً ظَاهرا فاسكتنت فِي خلل مَا يتفرق وَفِي الْأَكْثَر يظْهر لَهَا رَأس محدد وخصوصاً إِن كَانَت الْمَادَّة حادة. وَهَذِه الخراجات تبتدي فتجمع الْمدَّة ثمَّ تنضج الْمدَّة ثمَّ تنفجر وَرُبمَا احْتَاجَت إِلَى تَقْوِيَة فِي الإنضاج والإنفجار وَرُبمَا لم تحتج.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute