للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكلما كَانَ الْخراج أشدّ ارتفاعاً واحمراراً وَأحد رَأْسا فالخلط الْمُحدث لَهُ أشدّ حرارة وَهُوَ أسْرع نضجاً وتحللاً وانفجاراً وخصوصاً الناتئ البارز الصنوبري وَمَا كَانَ بِالْخِلَافِ مستعرضاً غائصاً قَلِيل الْحمرَة فَهُوَ غليظ الْمَادَّة رَدِيء مائل إِلَى بَاطِن قَلِيل الوجع ثقيل الْحَرَكَة وأردأ هَذَا مَا كَانَ انفجاره إِلَى بَاطِن فَيفْسد مَا يمر عَلَيْهِ وَمِنْه مَا ينْدَفع إِلَى الْجَانِبَيْنِ وَأحد انفجاره مَا كَانَ إِلَى التجويف الْخَاص بالعضو الَّذِي لَهُ مسيل إِلَى خَارج مثل خراج الْمعدة وَلِأَن ينفجر إِلَى بَاطِنه وتجويفه خير من أَن يتفجر إِلَى ظَاهره وَإِلَى. التجويف الْمُحِيط بِهِ المراق. وكما أَن الإنفجار الدماغي إِلَى التجويفين المقدمين أَحْمد لِأَن لَهما منفذاً مثل منفذ الْأنف وَالْأُذن والقمع إِلَى الْفَم وَإِذا انفجر إِلَى الفضاء الْمُحِيط بالدماغ أَو إِلَى الْبَطن الْمُؤخر لم يجد منفذاً إِلَى خَارج وأضر ضَرَرا شَدِيدا وَلَيْسَ كل عُضْو صَالحا لِأَن يحدث فِيهِ خراج فَإِن المفاصل يقلّ خُرُوج الْخراج فِيهَا لِأَن فِيهَا أخلاطاً مخاطية ومكانها وَاسع غير خانق للمادة وَلَا حَابِس ليخرج إِلَى العفن فَإِن خرج هُنَاكَ خراج فلأمر عَظِيم وَشر الخراجات وأخبثها مَا خرج على أَطْرَاف العل الْكَثِيرَة العصب. والخراجات تخْتَلف مُدَّة نضج مدَّتهَا بِحَسب الْخَلْط فِي لطافته وغلظه والمزاج فِي حره وبرده واعتداله وبحسب الْفَصْل وَالسّن وجوهر الْعُضْو. وَإِنَّمَا لَا ينضج الْخراج ويستحيل مَا فِيهِ قَيْحا بِسَبَب قلَّة الْحَار الغريزي فِي الْعُضْو أَو بِسَبَب غلظ جَوْهَر الْمَادَّة وَقد يبلغ من ذَلِك أَن يتقيح فِي بَاطِنه وَلَا يظْهر للحس لغؤور الْقَيْح وَغلظ مَا عَلَيْهِ. والمدة قد توقف على نضجها سَرِيعا وَقد لَا توقف بِحَسب جوهرها فِي الغلظ فَلَا تلين بِسُرْعَة وَإِن نَضِجَتْ وَفِي الرقة فتلين بِسُرْعَة وبحسب مَا عَلَيْهَا من اللَّحْم الْقَلِيل وَالْكثير. وَأَسْبَاب الْخراج والوقوع إِلَى الْمدَّة الامتلاء وَكَثْرَة الْمَادَّة وفسادها. وَأَسْبَاب أَسبَابهَا التُّخمَة والرياضات الرَّديئَة والأمراض الَّتِي لَا تبحرن بالاستفراغ الظَّاهِر والآفات النفسانية من الغموم والهموم الْمفْسدَة للدم. وَمن الخراجات ضرب يُسمى طرميسوس وَهُوَ خراج ينفجر فَيخرج مَا تَحْتَهُ شَبِيها بِاللَّحْمِ الْجيد ثمَّ يظْهر عَنهُ مُدَّة أُخْرَى وَمن الخراجات ضرب آخر يُسمى البن وَهُوَ خراج قرحي مستدير أَحْمَر لَا يعرى صَاحبه عَن الْحمى فِي أَكثر الْأَمر وحدوثه فِي أَكثر الْأَمر فِي الرَّأْس وَقد يحدث فِي غَيره. فصل فِي دَلَائِل كَون الورم خراجاً إِذا رَأَيْت ضرباناً كثيرا وصلابة مساعدة وحرارة نظن أَن الورم فِي طَرِيق صَيْرُورَته خراجاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>