الْحَال لَا يُمْهل إِلَى إِزَالَة السَّبَب احْتَاجَ أَن يحبس بحوابسه وَهِي الْأَسْبَاب الَّتِي لَهَا يَنْقَطِع الدَّم السَّائِل وَتلك الْأَسْبَاب مَعْلُومَة من الْكتاب الأول إِلَّا أَنا نذكرها على وَجه الإستظهار فَنَقُول أَن تِلْكَ الْأَسْبَاب إِمَّا أَن تكون صارفة إِلَى جِهَة غير جِهَة ذَلِك الْمخْرج وَإِمَّا أَن تكون مَانِعَة فِي ذَلِك الْمخْرج عَن الْخُرُوج وَإِمَّا أَن تكون جَامِعَة لأمرين من ذَلِك أَو أُمُور. وَالْقسم الأول وَهُوَ الصَّارِف إِلَى جِهَة أُخْرَى إِمَّا أَن يكون بجذب إِلَى الْخلاف من غير اتِّخَاذ مخرج آخر كَمَا تُوضَع المحاجم على الكبد فيرقأ الرعاف من المنخر الْأَيْمن وَإِمَّا بإحداث مخرج آخر كَمَا يفصد المرعوف من الْيَد المحاذية للمنخر فصداً ضيقا. وَأما الحابسة دون الْمخْرج فَتكون بِمَا يمْنَع حَرَكَة الدَّم ونفوذه وَهُوَ: إِمَّا لسَبَب مخثّر وَإِمَّا لسَبَب مخدر. والمخدر إِمَّا دَوَاء وَإِمَّا حَال للبدن كالغشي فَإِنَّهُ كثيرا مَا يحبس الدَّم. وَأما بخشكريشة بكي أَو بدواء كاو وَإِمَّا بجمود علقَة وَإِمَّا بتغرية أَو تجفيف أَو إلحام وَإِمَّا بضغط من اللَّحْم المطيف بالعرق فيسده ويطبقه إطباقاً شَدِيدا. وَيجب أَن تعلم أَنه إِذا صحب الْجراحَة ورم تعذر كثير من هَذِه الْأَعْمَال فَلم يُمكن الرَّبْط بالخيوط وَلَا إِدْخَال الفتائل وَلَا الشد العنيف وَإِنَّمَا يُمكن حِينَئِذٍ اسْتِعْمَال التغرية وَالْقَبْض والتخدير وتخثير الدَّم وَإِن كَانَ علاج من شدّ أَو شقّ أَو تقريب دَوَاء إِذا كَانَ موجعاً فَهُوَ رَدِيء جدا وكل نصبة موجعة فرديئة وَيجب أَن تكون النصبة جَامِعَة لأمرين أَحدهمَا فقدان الوجع وَالْآخر ارْتِفَاع جِهَة مسيل الدَّم فَلَا تُعان بالتدلية وَالتَّعْلِيق فيسهل بروز الدَّم وَخُرُوجه. وَإِذا تمانع الغرضان ميل إِلَى الأوفق بِحَسب الْمُشَاهدَة وَالْأَقْرَب من الإحتمال فِي الْحَال ونحتاج الْآن أَن نذْكر وَجها وَجها بعد أَن تعلم أَن أول مَا يجب أَن يتفقد أَن تعرف هَل الْعرق شريان أَو وريد بالعلامة الْمَذْكُورَة فتحتفل بالشريان وتعتني بِهِ أَكثر مِمَّا تفعل ذَلِك بالوريد ثمَّ نقُول فَأَما الجذب بِالْخِلَافِ لَا إِلَى الْمخْرج فَمن ذَلِك إيلام الْعُضْو بالدلك أَو بالربط. والشد أَو بالمحاجم وَيجب أَن يكون الْعُضْو عضوا مشاركاً مَوْضُوعا من الْموضع المؤف وضعا على طرف خطّ وَاحِد يصل بَينهمَا فِي الطول أَو الْعرض ويختار من الْمُخَالف فِي الْوَضع طولا وعرضاً أَيهمَا كَانَ بَعيدا وَيتْرك مَا كَانَ قَرِيبا مثل مَا يكون فِي جَانِبي الرَّأْس أَو جَانِبي الْيَد فَإِن الْبعد بَينهمَا أقرب مِمَّا يجب أَن يتَوَقَّع مِنْهُ التَّصَرُّف التَّام وَهَذَا شَيْء يحْتَاج أَن يتَذَكَّر مَا قُلْنَاهُ فِيهِ حَيْثُ تكلمنا فِي الْكتاب الأول فِي قوانين الإستفراغ وَيجب أَن يكون الشد والدلك وَنَحْو ذَلِك متأدياً مِمَّا هُوَ أقرب إِلَى الْعُضْو الدامي ثمَّ ينزل عَنهُ. وَيجب أَن لَا يتَوَقَّع فِي فتوق الشرايين وَنَحْوهَا أَن يكون هَذَا الصنع كَافِيا فِي حبس النزف بل مغنياً وَكَذَلِكَ الحكم فِي فصد الْجَانِب المشارك المباعد. وَأما أحد وَجْهي الْقسم الثَّانِي وَهُوَ السَّبَب المخثر فَمثل أَن يطعم من يكثر رعافه أَو غير ذَلِك أغذية غَلِيظَة الكيموس مخثرة للدم كالعدس والعناب وَنَحْو ذَلِك. وَأما الْوَجْه الثَّانِي فَمثل أَن يسقى المخدرات وَالْمَاء الْبَارِد ويعرض الْبدن للبرد وينوم وَرُبمَا نفع الغشي وَحبس النزف. وَأما الْوَجْه الْمَذْكُور للقسم الآخر فَيجب أَن تراعي فِيهِ بَابا وَاحِدًا وَهُوَ أَنه رُبمَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute