يسع فَإِذا رفق بِهِ بالغمز عَاد واستبطن كَمَا يعرض للعنق وَرُبمَا بَقِي الْعرق نَفسه تَحت الْجلد يحس بنبضه وبعتقه وَكَثِيرًا مَا يعرض ذَلِك للشريان من بَاطِن فيتفتق من غير أَن ينفتق الْجلد فَيحصل تَحت الْجلد أبورسما ورماً لينًا من دم وريح يُمكن أَن يسكن بالغمز فَهَذَا كثيرا مَا يعرض فِي الْعُنُق والأربية والمأبض من تِلْقَاء نَفسه وَكَثِيرًا مَا يعرض من سَبَب من خَارج وَمن فصد وَكثير من الْأَطِبَّاء ظنُّوا أَن كل فتق للشريان يُؤَدِّي إِلَى أم الدَّم لِأَنَّهُ لَا يلتحم بل أَكثر مَا يكون أَن يلتحم مَا حوله وَيصير الورم الْمَعْرُوف وَأما هُوَ نَفسه فَلَا يلتحم وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك. أما من نفى الإلحام فقد احْتج بِقِيَاس وتجربة. أما الْقيَاس فَلِأَن إِحْدَى طبقتي الشريان غضروفية والغضروف لَا يلتحم. وَأما التجربة فَلِأَنَّهُ مَا رُؤِيَ التحم. وقابلهم جالينوس بِقِيَاس وتجربة. أما الْقيَاس فخطابي وَصورته أَنه بَين الملتحم كَاللَّحْمِ وَغير الملتحم كالعظم فَيجب أَن يكون ملتحماً وَلَكِن صَعب الإلتجام. وَأما التجربة فالمشاهدة فقد حُكيَ أَن كثيرا من الشرايين داواها فالتحمت وَكَانَ هَذَا شَيْء قد كُنَّا فَرغْنَا مِنْهُ لَكنا نقُول الْآن أَن الْأَعْضَاء تخْتَلف حَال انبعاث الدَّم مِنْهَا فَمِنْهَا غزير انبعاث آلم إِذا انفتق مثل الكبد والرئة وَمِنْهَا قَلِيل انبعاث الدَّم. وَفِي كل وَاحِد من الْقسمَيْنِ مَا هُوَ خطر وَغير خطر مثل انبعاث الدَّم من الرئة وَمن الْأنف فَإِن ابنعاث الدَّم من الرئة خطر وَمن الْأنف غير خطر وَكِلَاهُمَا ينبعث عَنْهُمَا دم كثير. وَمثل انبعاث الدَّم عَن المثانة وَالرحم والكلية فَإِنَّهَا لَا ينبعث عَنْهَا دم كثير جدا جملَة بل رُبمَا كثر بطول الْمدَّة فَأدى إِلَى عَاقِبَة غير محمودة. وَيخْتَلف حَال النزف من الشرايين فَيكون فِي بَعْضهَا صعباً جدا خطراً مثل الشرايين الْكِبَار على الْيَد وَالرجل فَإِن أَمْثَال ذَلِك يقتل فِي الْأَكْثَر فَلَا تحتبس وَفِي بَعْضهَا سهلاً مثل شريان القحف فَإِن حبس نزفها سهل وَيَكْفِي فِيهِ الشد وَحده وَكَثِيرًا مَا يسيل من الشرايين الصغار دم ثمَّ يحتبس من تِلْقَاء نَفسه وَقد تعرف الْفرق بَين دم الشريان وَغَيره أَن دم الشريان يخرج نَزْوًا ضربانياً أرق وأشدَ أرجوانية من غَيره لَيْسَ إِلَى سَواد دم الوريد وقتمته. وَاعْلَم أَن كل من وَقع لَهُ استفراغ وخصوصاً دموي وخصوصاً شرياني فأفرط وَحدث بِهِ تشتج رَدِيء وَكَذَلِكَ إِن حدث بِهِ فوَاق فَهُوَ قَاتل وَإِن كَانَ غشياً مَعَ فوَاق فالموت عَاجل والهذيان واختلاط الْعقل رَدِيء فَإِن قَارن التشنج فَهُوَ قتال فِي الْأَكْثَر. يجب فِي علاج نزف الدَّم أَن تبتدىء فتحبس ثمَّ تعالج. قرحَة إِن كَانَت وَلَا يمكنك أَن تحبس فِيمَا سَببه ثَابت من أكال أَو نَحوه إِلَّا بِأَن يزَال السَّبَب وَإِن كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute