للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي اللَّبن شَيْئا يَسِيرا بِمِقْدَار قوتهم وَرُبمَا احْتِيجَ إِلَى أَن تضمّد بطونهم بالأفسنتين والبرنج الكابلي ومرارة الْبَقر وشحم الحنظل. وَأما الصغار الَّتِي تكون مِنْهُم فِي المقعدة فَيجب أَن يُؤْخَذ الراسن وَالْعُرُوق الصفر من كل وَاحِد جُزْء سكر مثل الْجَمِيع فيسقى فِي المَاء. وَقد يعرض للصَّبِيّ سحج فِي الْفَخْذ فَيجب أَن يذر عَلَيْهِ الآس المسحوق وأصل السوسن المسحوق أَو الْورْد المسحوق أَو السعد أَو دَقِيق الشّعير أَو دَقِيق العدس. الْفَصْل الرَّابِع تَدْبِير الْأَطْفَال إِذا انتقلوا إِلَى سنّ الصِّبَا يجب أَن يكون وكد الْعِنَايَة مصروفاً إِلَى مُرَاعَاة أَخْلَاق الصَّبِي فيعدل وَذَلِكَ بِأَن يحفظ كَيْلا يعرض لَهُ غضب شَدِيد أَو خوف شَدِيد أَو غم أَو سهر وَذَلِكَ بِأَن يتَأَمَّل كلّ وَقت مَا الَّذِي يشتهيه ويحنّ إِلَيْهِ فَيقرب إِلَيْهِ وَمَا الَّذِي يكرههُ فينحى عَن وَجهه وَفِي ذَلِك منفعتان: إِحْدَاهمَا فِي نَفسه بِأَن ينشأ من الطفولة حسن الْأَخْلَاق وَيصير ذَلِك لَهُ ملكة لَازِمَة. وَالثَّانيَِة لبدنه فَإِنَّهُ كَمَا أَن الْأَخْلَاق الرَّديئَة تَابِعَة لأنواع سوء المزاج فَكَذَلِك إِذا حدثت عَن الْعَادة استتبعت سوء المزاج الْمُنَاسب لَهَا فَإِن الْغَضَب يسخن جدا وَالْغَم يجفف جدا والتبليد يُرْخِي الْقُوَّة النفسانية وتميل بالمزاج إِلَى البلغمية فَفِي تَعْدِيل الْأَخْلَاق حفظ الصِّحَّة للنَّفس وَالْبدن جَمِيعًا مَعًا وَإِذا انتبه الصَّبِي من نَومه فالأحرى أَن يستحم ثمَّ يخلّى بَينه وَبَين اللّعب سَاعَة ثمَّ يطعم شَيْئا يَسِيرا ثمَّ يُطلق لَهُ اللّعب الأطول ثمَّ يستحمّ ثمَّ يغذّى ويجنبون مَا أمكن شرب المَاء على الطَّعَام لِئَلَّا ينفذهُ فيهم نيئاً قبل الهضم. وَإِذا أَتَى عَلَيْهِ من أَحْوَاله سِتّ سِنِين فَيجب أَن يقدم إِلَى الْمُؤَدب والمعلم ويدرج أَيْضا فِي ذَلِك وَلَا يحكم عَلَيْهِ بملازمة الْكتاب كرة وَاحِدَة فَإِذا بلغ سنهم هَذَا السن نقص من إجمامهم وَزيد فِي تعبهم قبل الطَّعَام وجنبوا النَّبِيذ خُصُوصا إِن كَانَ أحدهم حَار المزاج مرطوبه لِأَن الْمضرَّة الَّتِي تبقى من النَّبِيذ وَهِي توليد المرار فِي ضاربيه تسرع إِلَيْهِم بسهولة وَالْمَنْفَعَة المتوقعة من سقيه وَهِي إدرار المرار مِنْهُم أَو ترطيب مفاصلهم غير مَطْلُوبَة فيهم لِأَن مرارهم لَا تكْثر حَتَّى تستدر بالبول وَلِأَن مفاصلهم مستغنية عَن الترطيب وليطلق لَهُم من المَاء الْبَارِد العذب النقي شهوتهم وَيكون هَذَا هُوَ النهج فِي تدبيرهم إِلَى أَن يوافوا الرَّابِع عشر من سنيهم مَعَ الْإِحَاطَة بِمَا هُوَ ذاتي لَهُم كل يَوْم من تنقص الرطوبات والتجفف والتصلّب فيدرجون فِي تقليل الرياضة وهجر المعنفة مِنْهَا مَا بَين سنّ الصِّبَا إِلَى سنّ الترعرع ويلزمون المعتدل. وَبعد هَذَا السن تدبيرهم هُوَ تَدْبِير الإنماء وَحفظ صِحَة أبدانهم. فلننتقل إِلَيْهِ ولنقدم القَوْل فِي الْأَشْيَاء الَّتِي فِيهَا ملاك الْأَمر فِي تَدْبِير الأصحاء الْبَالِغين ولنبدأه بالرياضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>