والرياضات الشَّدِيدَة والسريعة تسْتَعْمل مخلوطة بفترات أَو برياضات فاترة. وَيجب أَن يتفنن فِي اسْتِعْمَال الرياضات الْمُخْتَلفَة وَلَا يُقَام على واحده وَلكُل عُضْو رياضة تخصه. أما رياضة الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ فَلَا خَفَاء بهَا وَأما الصَّدْر وأعضاء التنفس فَتَارَة يراض بالصوت الثقيل الْعَظِيم وَتارَة بالحاد ومخلوطاً بَينهمَا فَيكون ذَلِك أيضأ رياضة للفم واللهاة وَاللِّسَان وَالْعين أيضأ وَيحسن اللَّوْن وينقي الصَّدْر ويراض بالنفخ مَعَ حصر النَّفس فَيكون ذَلِك رياضة مَا للبدن كُله ويوسع مجاريه وإعظام الصَّوْت زَمَانا طَويلا جدا مخاطرة وإدامة شَدِيدَة تحوج إِلَى جذب هَوَاء كثير وَفِيه خطر وتطويله محوج إِلَى إِخْرَاج هَوَاء كثير وَفِيه خطر. وَيجب أَن يبْدَأ بِقِرَاءَة لينَة ثمَّ يرفع بهَا الصَّوْت على تدريج ثمَّ إِذا شدد الصَّوْت وَأعظم وَطول جعل زمَان ذَلِك معتدلاً فَحِينَئِذٍ ينفع نفعا بَينا عَظِيما فَإِن أطيل زَمَانه كَانَ فِيهِ خطر للمعتدلين الصَّحِيحَيْنِ. وَلكُل إِنْسَان بِحَسبِهِ رياضة وَمَا كَانَ من الرياضات اللينة مثل التَّرْجِيح فَهُوَ مُوَافق لمن أضعفته الحميات وأعجزته عَن الْحَرَكَة والقود والناقهين وَلمن أضعفه شرب الخربق وَنَحْوه وَلمن بِهِ مرض فِي الْحجاب وَإِذا رفق بِهِ نوم وحلل الرِّيَاح ونفع من بقايا أمراض الرَّأْس مثل الْغَفْلَة وَالنِّسْيَان وحرك الشَّهَوَات وَنبهَ الغريزة وَإِذا رجح على السرير كَانَ أوفق لمن بِهِ مثل شطر الغب والحميات المركبة والبلغمية وَلِصَاحِب الحبن وَصَاحب أوجاع النقرس وأمراض الكلى فَإِن هَذَا التَّرْجِيح يهيىء الْموَاد إِلَى الانقلاع واللين لما هُوَ أَلين وَالْقَوِي لما هُوَ أقوى. وَأما ركُوب الْعجل فقد يفعل هَذِه الْأَفْعَال لكنه أَشد إثارة من هَذَا وَقد يركب الْعجل وَالْوَجْه إِلَى خلف فينفع ذَلِك من ضعف الْبَصَر وظلمته نفعا شَدِيدا. وَأما ركُوب الزواريق والسفن فينفع من الجذام وَالِاسْتِسْقَاء والسكتة وَبرد الْمعدة ونفختها وَذَلِكَ إِذا كَانَ بِقرب الشطوط وَإِذا هاج من غثيان ثمَّ سكن كَانَ نَافِعًا للمعدة وَأما الرّكُوب فِي السفن مَعَ التلحيج فِي الْبَحْر فَذَلِك أقوى فِي قلع الْأَمْرَاض الْمَذْكُورَة لما يخْتَلف على النَّفس عَن فَرح وحزن. وَأما أَعْضَاء الْغذَاء فرياضتها تَابِعَة لرياضة سَائِر الْبدن. وَالْبَصَر يراض بتأمل الْأَشْيَاء الدقيقة والتدريج أَحْيَانًا فِي النّظر إِلَى المشرفات بِرِفْق. والسمع يراض بتسمع الْأَصْوَات الْخفية وَفِي الندرة بِسَمَاع الْأَصْوَات الْعَظِيمَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute