وَلكُل عُضْو رياضة خَاصَّة بِهِ. وَنحن نذْكر ذَلِك فِي حفظ صِحَة عُضْو عُضْو وَذَلِكَ إِذا اشتغلنا بِالْكتاب الجزئي وَيَنْبَغِي أَن يحذر المرتاض وُصُول حمية الرياضة إِلَى مَا هُوَ ضَعِيف من أَعْضَائِهِ إِلَّا على سَبِيل التبع مثلا من يَعْتَرِيه الدوالي فَالْوَاجِب لَهُ من الرياضة الَّتِي يستعملها أَن لَا يكثر تَحْرِيك رجلَيْهِ بل يقلل ذَلِك وَيحمل برياضته على أعالي بدنه من عُنُقه وَرَأسه وبدنه بِحَيْثُ يصل تأثر الرياضة إِلَى رجلَيْهِ من فَوق وَالْبدن الضَّعِيف رياضته ضَعِيفَة وَالْبدن الْقوي رياضته قَوِيَّة. وَاعْلَم أَن لكل عُضْو فِي نَفسه رياضة تخصه كَمَا للعين فِي تبصر الدَّقِيق وللحلق فِي إجهار الصَّوْت بعد أَن يكون بتدريج وللسن وَالْأُذن كَذَلِك وكل فِي بَابه. الْفَصْل الثَّالِث وَقت ابْتِدَاء الرياضة وقطعها وَقت الشُّرُوع فِي الرياضة يجب أَن يكون الْبدن نقياً وَلَيْسَ فِي نواحي الأحشاء وَالْعُرُوق كيموسات خامة رَدِيئَة تنشرها الرياضة فِي الْبدن وَيكون الطَّعَام الأمسي قد انهضم فِي الْمعدة والكبد وَالْعُرُوق وَحضر وَقت غذَاء آخر وَيدل على ذَلِك نضج الْبَوْل بالقوام واللون وَيكون ذَلِك أول وَقت هَذَا الانهضام فَإِن الْغذَاء إِذا بعد الْعَهْد بِهِ وخلت الغريزة مُدَّة عَن التَّصَرُّف فِي الْغذَاء واشتعلت النارية فِي الْبَوْل وجاوزت حد الصُّفْرَة الطبيعية فَإِن الرياضة ضارة لِأَنَّهَا لم تنهك الْقُوَّة. وَلِهَذَا قيل إِن الْحَال إِذا أوجبت رياضة شَدِيدَة فبالحري أَن لاتكون الْمعدة خَالِيَة جدا بل يكون فِيهَا غذَاء قَلِيل أما فِي الشتَاء فغليظ وَأما فِي الصَّيف فلطيف ثمَّ أَن يرتاض ممتلئاً خير من أَن يرتاض خاوياً وَأَن يرتاض حاراً أَو رطبا خير من أَن يرتاض وَالْبدن بَارِد أَو جَاف وأصوب أوقاته الِاعْتِدَال وَرُبمَا أوقعت الرياضة حَار المزاج يابسه فِي أمراض فَإِذا تَركهَا صَحَّ. وَيجب على من يرتاض أَن يبْدَأ فينقص الفضول من الأمعاء وَمن المثانة ثمَّ يشْتَغل بالرياضة ويتدلك أَولا للإستعداد دَلْكاً ينعش الغريزة ويوسع المسام وَأَن يكون التدلك بِشَيْء خشن ثمَّ يتمرخ بدهن عذب ثمَّ يدرج التمريخ إِلَى أَن يضغط الْعُضْو بِهِ ضغطاً غير شَدِيد الوغول وَيكون ذَلِك بأيد كَثِيرَة ومختلفة أوضاع الملاقاة ليبلغ ذَلِك جَمِيع شظايا العضل ثمَّ يتْرك ثمَّ يَأْخُذ المدلوك فِي الرياضة. أما فِي زمَان الرّبيع فأوفق أَوْقَاتهَا قرب انتصاف النَّهَار فِي بَيت معتدل وَيقدم فِي الصَّيف. وَأما فِي الشتَاء فَكَانَ الْقيَاس أَن يُؤَخر إِلَى وَقت الْمسَاء لَكِن الْمَوَانِع الآخرى تمنع مِنْهُ فَيجب أَن يدفأ فِي الشتَاء الْمَكَان ويسخن ليعتدل. وتستعمل الرياضة فِي الْوَقْت الأصوب بِحَسب مَا ذَكرْنَاهُ من انهضام الْغذَاء وَنقص الْفضل. وَأما مِقْدَار الرياضة فَيجب أَن يُرَاعى فِيهِ ثَلَاثَة أَشْيَاء: أَحدهَا: اللَّوْن فَمَا دَامَ يزْدَاد جودة فَهُوَ بعد وَقت وَالثَّانِي: الحركات فَإِنَّهَا مَا دَامَت خَفِيفَة فَهُوَ بعد وَقت وَالثَّالِث: حَال الْأَعْضَاء وانتفاخها فَمَا دَامَت تزداد انتفاخاً فَهُوَ بعد وَقت وَأما إِذا أخذت هَذِه الْأَحْوَال فِي الانتقاص وَصَارَ الْعرق البُخَارِيّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute