للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِمَّا أَن تظهر الْعلَّة. وَإِذا اجْتمع مرض مَعَ وجع أَو شَبيه وجع أَو مُوجب وجع كالضربة والسقطة فابدأ بتسكين الوجع وَأَن احتجت إِلَى التخدير فَلَا تجَاوز مثل الخشخاش فَإِنَّهُ مَعَ تخديره مألوف مَأْكُول. وَإِذا بليت بِشدَّة حس الْعُضْو فاغذ بِمَا يغلظ الدَّم جدا كالهرائس وَإِن لم تخف التَّدْبِير فاغذ بالمبردات كالخس وَنَحْوه. وَاعْلَم أَن من المعالجات الجيدة الناجعة الِاسْتِعَانَة بِمَا يُقَوي القوى النفسانية والحيوانية كالفرح ولقاء مَا يسْتَأْنس بِهِ وملازمة من يسر بِهِ وَرُبمَا نَفَعت مُلَازمَة المحتشمين وَمن يستحيا مِنْهُم فمنعت الْمَرِيض عَن أَشْيَاء تضره. وَمِمَّا يُقَارب هَذَا الصِّنْف من المعالجات والانتقال من بلد إِلَى بلد وَمن هَوَاء إِلَى هَوَاء والانتقال من هيئات إِلَى هيئات وتكلف هيئات وحركات يَسْتَوِي بهَا عُضْو وَيصير بمزاج مثل مَا يُكَلف الصَّبِي الْأَحول من النّظر الشَّديد إِلَى شَيْء يلوح لَهُ وَمثل مَا يُكَلف صَاحب الْقُوَّة من النّظر فِي الْمرْآة الضيقة فَإِن ذَلِك أدعى لَهُ إِلَى تَكْلِيف تَسْوِيَة وَجهه وَعَيْنَيْهِ فَرُبمَا عَاد بالتكلف إِلَى الصّلاح. وَمِمَّا يجب أَن تخفظه من القوانين أَن تتْرك المعالجات القوية فِي الفضول القوية مَا اسْتَطَعْت من مثل الإسهال الْقوي والكي والبط والقيء فِي الصَّيف والشتاء. وَمن الْأُمُور الَّتِي تحْتَاج فِي علاجها إِلَى نظر دَقِيق أَن يجْتَمع فِي مرض وَاحِد استحقاقان متضادان وَيسْتَحق الْمَرَض مثلا تبريداً وَسَببه تسخيناً مثل مَا تقضي الْحمى تبريداً والسدد الَّتِي يكون سَببا للحمى تسخيناً أَو بِالْعَكْسِ وَكَذَلِكَ أَن يستحقّ الْمَرَض مثلا تسخيناً وَعرضه تبريداً مثل مَا تسْتَحقّ مَادَّة القولنج تسخيناً وتقطيعاً وتستحق شدّة وَجَعه تبريداً وتخديراً أَو بِالْعَكْسِ. وَاعْلَم أَنه لَيْسَ كل امتلاء وكل سوء مزاج يعالج بالضد من الاستفراغ والمقابلة بل كثيرا مَا يَكْفِي حسن التَّدْبِير المهم فِي الامتلاء وَسُوء المزاج. الْفَصْل الثَّانِي معالجات أمراض سوء المزاج أما مَا كَانَ مِنْهُ بِلَا مَادَّة فَإِنَّمَا نبذل سوء المزاج فَقَط وَإِن كَانَ مَعَ مَادَّة فَإنَّا نستفرغها وَرُبمَا كفانا الاستفراغ وَحده إِن لم يتخلّف عَنهُ سوء المزاج لتمكنه السالف وَرُبمَا لم يكفنا ذَلِك إِن ونقول: إِن معالجة سوء المزاج أَصْنَاف ثَلَاثَة لِأَن سوء المزاج إِمَّا أَن يكون مستحكماً فيكونا علاجه بالضد على الْإِطْلَاق وَهَذَا هُوَ المداواة الْمُطلقَة فإمَّا أَن يكون فِي حد الْكَوْن وإصلاحه مداواة مَعَ التَّقَدُّم بِالْحِفْظِ بِمَنْع السَّبَب وَمِنْه مَا يُرِيد أَن يكون وَيحْتَاج فِيهِ إِلَى منع السَّبَب فَقَط وَيُسمى التَّقَدُّم بِالْحِفْظِ. مِثَال المداواة معالجة عفونة حمّى الرّبع بالترياق وَسقي المَاء الْبَارِد فِي الغب ليطفي. وَمِثَال المداواة والتقدم بِالْحِفْظِ الاستفراغ فِي الرّبع بالخربق وَفِي الغب

<<  <  ج: ص:  >  >>