للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليؤخر الْغذَاء إِلَى نصف النَّهَار وليشرب قبله مَاء ورد حاراً. وَمن عرض لَهُ قيء السَّوْدَاء فليضع على معدته إسفنجة مشربَة خلأً حاراً مسخّناً. والأجود أَن يكون طَعَام الْقَيْء مُخْتَلفا فَإِن الْوَاحِد بِمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ الْمعدة ضانة بروده وَبعد الْقَيْء المفرط ينْتَفع بالعصافير والنواهض بعد أَن لَا يُؤْكَل عِظَام أطرافها فَإِنَّهَا ثَقيلَة بطيئة فِي الْمعدة وَأدْخلهُ الْحمام وَأما فِي حَال شرب المقيء فَيجب أَن يحضروا ويرتاضوا ويتعبوا ثمَّ يقيئوا وَذَلِكَ فِي انتصاف النَّهَار. وَيجب عِنْد التقيئة أَن يُغطي عَيْنَيْهِ برفاده ثمَّ يشدٌ ويعصب بَطْنه بقماط ليِّن شدُّا معتدلاً. والأشياء المهيئة للقيء هِيَ الجرجير والفجل والطرنج والفودنج الْجبلي الطري والبصل والكرّاث وَمَاء الشّعير بثفله مَعَ الْعَسَل وحسو الباقلا بحلاوة وَالشرَاب الحلو واللوز بِعَسَل وَمَا يشبه ذَلِك من الْخبز الفطير الْمَعْمُول فِي الدّهن والبطيخ والقثاء وبزورهما أَو شَيْء من أصولهما منقوعاً فِي المَاء مدقوقاً مَعَ حلاوة والشورباج الفجلي. وَمن شرب شرابًا مُسكرا للقيء وَلَا يتقيأ على قَلِيله فليشرب كثيرا. والفقاع إِذا شرب بالعسل بعد الْحمام قيّأ وأسهل وَمن أَرَادَ أَن يتقيأ فَلَا يجب أَن يسْتَعْمل فِي ذَلِك الْقرب المضغ الشَّديد فَإِذا سقى الْإِنْسَان مقيئاً قَوِيا مثل الخربق فَيجب إِن يسقى على الرِّيق إِن لم يكن مَانع وَبعد ساعتين من النَّهَار وَبعد إِخْرَاج الثفل من المعي فَإِن تقيأ بالريشة وَإِلَّا حرك يَسِيرا وَإِلَّا أَدخل الْحمام. والريشة الَّتِي يتقيأ بهَا يجب أَن تمسح بِمثل دهن الْحِنَّاء فَإِن عرض تقطيع وكرب سقِِي مَاء حاراً أَو زيتاً فإمَّا أَن يتقيأ وَإِمَّا أَن يسهّل. وَمِمَّا يعين على ذَلِك تسخين الْمعدة والأطراف فَإِن ذَلِك يحدث الغثيان وَإِذا أسْرع الدَّوَاء المقيء وَأخذ فِي الْعَمَل بِسُرْعَة فَيجب أَن يسكن المتقيء ويتنشق الروائح الطّيبَة ويغمز أَطْرَافه ويسقى شَيْئا من الْخلّ ويتناول بعده التفاح والسفرجل مَعَ قَلِيل مصطكى. وَاعْلَم أَن الْحَرَكَة تجْعَل الْقَيْء أَكثر والسكون يَجعله أقل والصيف أولى زمَان يسْتَعْمل فِيهِ الْقَيْء فَإِن احْتَاجَ إِلَيْهِ من لَا يواتي الْقَيْء سجيته فالصيف أولى وَقت يرخص لَهُ فِيهِ فِي ذَلِك وَأبْعد غايات الْقَيْء. أما على سَبِيل التنقية الأولى فالمعدة وَحدهَا دون المعي. وَأما على سَبِيل التنقية الثَّانِيَة فَمن الرَّأْس وَسَائِر الْبدن. وَأما الجذب والقلع فَمن الأسافل. وَأَنت تعرف الْقَيْء النافع من غير النافع بِمَا يتبعهُ من الخص والشهوة الجيدة والنبض والتنفس الجيدين وَكَذَلِكَ حَال سَائِر القوى وَيكون ابتداؤه غثياناً. وَأكْثر يُؤْذِي مَعَه لذع شَدِيد فِي الْمعدة وحرقة أَن كَانَ الدَّوَاء قَوِيا مثل الخربق وَمَا يتّخذ مِنْهُ ثمَّ يبتدىء بسيلان لعاب ثمَّ يتبعهُ قيء بلغم كثير دفعات ثمَّ يتبعهُ فِي شَيْء سيال صَاف وَيكون اللذع والوجع ثَابتا من غير أَن يتَعَدَّى إِلَى أَعْرَاض أُخْرَى غير الغثيان وكربه وَرُبمَا اسْتطْلقَ الْبَطن ثمَّ يَأْخُذ فِي السَّاعَة الرَّابِعَة يسكن ويميل إِلَى الرَّاحَة. وَأما الرَّدِيء فَإِنَّهُ لَا يحبب الْقَيْء ويعظم الكرب وَيحدث تمدد أَو جحوظ عين وَشدَّة حمرَة فيهمَا شَدِيدَة

<<  <  ج: ص:  >  >>