للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعرق كثير وَانْقِطَاع صَوت. وَمن عرض لَهُ هَذَا وَلم يتداركه صَار إِلَى الْمَوْت. وتداركه بالحقنة وَسقي الْعَسَل وَالْمَاء الفاتر والأدهان الترياقية كدهن السوسن ويجتهد حَتَّى يقيء فَإِنَّهُ إِن قاء لم يختنق وافزع أَيْضا إِلَى حقنة معدة عنْدك. وَأولى مَا يسْتَعْمل فِيهِ الْقَيْء الْأَمْرَاض المزمنة العسيرة كالاستسقاء والصرع والمالنخوليا والجذام والنقرس وعرق النسا. والقيء مَعَ مَنَافِعه قد يجلب أمراضاً مثل مَا يجلب الطرش وَلَا يجب أَن يُوصل بِهِ الفصد بل يُؤَخر ثَلَاثَة أَيَّام وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ فِي فَم الْمعدة خلط وَكَثِيرًا مَا عسر الْقَيْء لرقة الْخَلْط فَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَن يثخن بتناول سويق حب الرُّمَّان. وَاعْلَم أَن الْقيام بعد الْقَيْء دَلِيل على اندفاع تخمة إِلَى أَسْفَل وَالْقَذْف بعد الْقيام دَلِيل على أَنه من أَعْرَاض الْقيام. وَأفضل الْأَوْقَات للقيء صيفاً بِسَبَب وجع هُوَ نصف النَّهَار. والقيء نَافِع للجسد رَدِيء لِلْبَصَرِ وَيَنْبَغِي أَن لَا تقيأ الحبلى فَإِن فضول حَيْضهَا لَا ينْدَفع بذلك الْقَيْء والتعب يوقعها فِي اضْطِرَاب فَيجب أَن يسكن وَأما سَاتِر من يَعْتَرِيه الْقَيْء فَيجب أَن يعان. الْفَصْل الْحَادِي عشر فِيمَا يَفْعَله من تقيأ فَإِذا فرغ المتقيء من قيه غسل فَمه وَوَجهه بعد الْقَيْء بخل ممزوج بِمَاء ليذْهب الثّقل الَّذِي رُبمَا يعرض للرأس وَشرب شَيْئا من المصطكى بِمَاء التفاح وَيمْتَنع من الْآكِل وَعَن شرب المَاء وَيلْزم الرَّاحَة ويدهن شراسيفه وَيدخل الْحمام وَيغسل بعجلة وَيخرج فَإِن كَانَ لَا بُد من إطعامه فشيء لذيذ جيّد الجوهرسريع الهضم. الْفَصْل الثَّانِي عشر مَنَافِع الْقَيْء إِن أبقراط يَأْمر بِاسْتِعْمَال الْقَيْء فِي الشَّهْر يَوْمَيْنِ متواليين ليتدارك الثَّانِي مَا قصر وتعسر فِي الأول وَيخرج مَا يتحلب إِلَى الْمعدة. وأبقراط يضمن مَعَه حفظ الصِّحَّة. والإكثار من هَذَا رَدِيء. وَمثل هَذَا الْقَيْء يستفرغ البلغم والمرة وينقي الْمعدة فَإِنَّهَا لَيْسَ لَهَا مَا ينقيها مثل مَا للأمعاء من المرار الَّتِي تنصبّ إِلَيْهَا وينقيها وَيذْهب الثّقل الْعَارِض فِي الرَّأْس ويجلو الْبَصَر وَيدْفَع التُّخمَة وينفع من ينصبّ إِلَى معدته مرار يفْسد طَعَامه فَإِذا تقدمه الْقَيْء ورد طَعَامه على نقاء وَيذْهب نفور الْمعدة عَن الدسومة وَسُقُوط شهوتها الصَّحِيحَة واشتهاءها الحريف والحامض والعفص وينفع من ترهل الْبدن وَمن القروح الكائنة فِي الْكُلِّي والمثانة وَهُوَ علاج قوي للجذام ولرداءة اللَّوْن وللصرع المعدي ولليرقان ولانتصاب النَّفس والرعشة والفالج وَهُوَ من العلاجات الجيّدة لأَصْحَاب القوباء. وَيجب أَن يسْتَعْمل فِي الشَّهْر مرّة أَو مرَّتَيْنِ على الامتلاء من غير أَن يحفظ دور مَعْلُوم وَعدد أَيَّام مَعْلُومَة. وَأَشد مُوَافقَة الْقَيْء لمن مزاجه الأوّل مراري قصيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>