بِالْكَثْرَةِ وَكَذَلِكَ الدَّم والصداع البحراني يكون من قبيل الصداع الَّذِي سَببه تَحْرِيك طبيعي على سَبِيل النفض والصداع الَّذِي يكون بعقب انهضام الطَّعَام يكون من قبيل الصداع الَّذِي سَببه تَحْرِيك طبيعي على سَبِيل التَّمْيِيز. وَأما حُصُول الْمَادَّة المؤذية فِي الْعُضْو فَيجب أَن نذكرهُ من الْأُصُول الْكُلية بعد أَن تعلم أَنَّهَا إِمَّا أَن تكون متقادمة الْحُصُول والاحتباس وَإِمَّا أَن تكون غذائية أَي تولدت فِي الْوَقْت عَن الْغذَاء تولد كيموس رَدِيء فِي جوهره وكيفيته لفساد فِي نفس الْغذَاء أَو ترتيبه أَو قدره أَو هضمه أَو سَائِر وُجُوه فَسَاده الْمَذْكُورَة فِي بَابه وَمن هَذَا الْقَبِيل صداع أكل الثوم والبصل والخردل وصداع الْخمار وصداع من تنَاول الباردات وحركات الْموَاد فِي الْأَعْضَاء يجب أَن تتذكّرها من الْأُصُول الْكُلية وَالرِّيح من جملَة الْموَاد المصدعة ويصدع بالتحديد وَذَلِكَ إِذا ضَاقَ عَلَيْهِ منفذ طبيعي قد خلق أضيق مِمَّا يَنْبَغِي لَهُ فِي وقته أَو طلب أَن يحدث منفذاً غير طبيعي. والبخار أَيْضا من جملَة ذَلِك وَيفْعل إِمَّا بكيفيته وَإِمَّا لمزاحمة الأخلاط فِي الْأَمْكِنَة فتحركها والرياح والبخارات قد تتولد فِي الْبدن وَفِي الدِّمَاغ نَفسه وَقد تستنشق من خَارج أَو تَأتي من جِهَة المسام ثمَّ تحتقن فِي الدِّمَاغ فيصدع. وَمن هَذَا الْقَبِيل صداع النتن وصداع الطّيب. وَاعْلَم أَن الرِّيَاح البلغمية والبخارات البلغمية ثَقيلَة بطيئة الْحَرَكَة محتبسة والسوداوية موحشة ثَابِتَة أقل كَمَا أَو أردأ كيفاً والأخلاط الحادة لَا تهيج رياحاً بل أبخرة والأبخرة الدموية عذبة أقل من الأبخرة ضَرَرا بل أَكْثَرهَا بكميتها والصفراوية حادة ملتهبة فَاعْلَم جَمِيع مَا قُلْنَاهُ. فصل فِي أَصْنَاف الصُداع الْكَائِن بالمشاركة الصداع الْكَائِن بالمشاركة مِنْهُ مَا هُوَ بمشاركة مُطلقَة وَمِنْه مَا هُوَ بمشاركة غير مُطلقَة والمشاركة الْمُطلقَة هُوَ أَن لَا يتأدي إِلَى نَاحيَة الدِّمَاغ من الْعُضْو المشارك شَيْء جسماني الْبَتَّةَ إِلَّا نفس الْأَذَى وَأما الْمُشَاركَة الْغَيْر الْمُطلقَة فَأن يتَأَدَّى إِلَى جَوْهَر الدِّمَاغ من ذَلِك الْعُضْو مَادَّة وَمن الْقسم الأول: أَصْنَاف الصداع الْكَائِن فِي التشنج والكزاز والتمدد ورياح الأفرسة وأوجاع المفاصل وَمثل مَا يكون فِي النقرس وعرق النسا القويين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute