وَيهْلك وَقد ذكر بعض أطباء الْهِنْد أَنه رُبمَا كَانَ السَّبَب فِي الصداع دوداً يتَوَلَّد فِي نواحي الرَّأْس فتؤذي بحركتها وتمزيقها وأكلها وَقد استبعد هَذَا قوم وَلَيْسَ بِالْوَاجِبِ أَن يستبعد فَإِن الدُّود كثيرا مَا يتَوَلَّد فِيمَا بَين مقدم الرَّأْس وَأَعْلَى الخياشيم فَيجوز أَن يتَوَلَّد عَن الْحجب وَإِن كَانَ الندرة. فصل فِي تَفْصِيل أَصْنَاف الصداع الْكَائِن عَن الأورام الورم الَّذِي يحدث عَنهُ الصداع رُبمَا كَانَ فِي حجب الدِّمَاغ وَرُبمَا كَانَ حاراً وَيُسمى: سرساماً حاراً وَرُبمَا كَانَ بَارِدًا وَيُسمى: ليثرغس أَي النسْيَان وَرُبمَا كَانَ مركبا وَيُسمى حَال صَاحبه السبات السهري وَرُبمَا كَانَ صلباً وَقد يكون فِي نفس الدِّمَاغ وجوهره فَيكون إِمَّا حاراً فلغمونياً أَو حمرَة وَإِمَّا بَارِدًا وتفصيل جَمِيع ذَلِك مِمَّا يَأْتِيك عَن قريب وَهَذِه كثيرا مَا تنْحَل بِأَن يخرج من الرَّأْس فِي الْأذن وَغَيره قيح أَو صديد أَو مَادَّة مائية. فصل فِي كَيْفيَّة عرُوض الصداع من الْموَاد نقُول: إِن الْموَاد تكون سَببا للصداع إِمَّا بِالذَّاتِ وَإِمَّا بِالْعرضِ وَالَّذِي بِالذَّاتِ فبأن تغير المزاج بِالذَّاتِ أَو تفرق الِاتِّصَال بِالذَّاتِ. وَإِنَّمَا تغتر المزاج بِالذَّاتِ على وَجْهَيْن إِمَّا بالمجاورة وَإِمَّا بالتحليف. أما الَّذِي بالمجاورة فبأن يكون الْخَلْط مخالطاً حاراً أَو بَارِدًا فيسخن أَو يبرد تسخيناً أَو تبريداً إِذا فَارق الْخَلْط مِمَّا خالطه ففنى وتلاشى وَلم يلبث لبثاً يعْتد بِهِ. وَأما الَّذِي بالتحليف فَأن يكون الْخَلْط قد أرسخ الْأَثر وثبته فَلَو فَارق باستفراغ وتحلّل بقيت الْكَيْفِيَّة راسخة. وَأما كَونهَا سَببا للصداع بِالذَّاتِ على سَبِيل تفرّق الِاتِّصَال فَذَلِك بحركتها ونفوذها أَو بلذعها وتأكّلها وَأكْثر مَا يصدع بِالتَّحْرِيكِ أَن يهيّج رياحاً وَأكْثر مَا يفعل ذَلِك مواد بَارِدَة ضربتها حرارة طارئة أَو أغذية ريحية مُخَالطَة لحرارة وَأما اللذّاعة الأكّالة فَهِيَ الأخلاط الحارة وَأما الصداع الْكَائِن عَنْهَا بِالْعرضِ فَإِذا حدثت سدة ورمية أَو غير ورمية والسدة يتبعهَا تغيّر المزاج كَمَا علمت ويتبعها تفرّق الِاتِّصَال وَذَلِكَ لِأَن الموادّ الَّتِي تحركها الطبيعة فِي الْبدن إِمَّا على سَبِيل نفض أَو على سَبِيل تَمْيِيزه وقسمته غذَاء فَإِنَّمَا تحركه فِي منافذ طبيعية إِذا سدت منعت وَإِذا منعت قاومت. والمقاومة توجب التمديد والتمديد يُوجب تفرق الِاتِّصَال والسدد قد تعرض فِي جَوْهَر الدِّمَاغ وَقد تحدث فِي الأوردة الَّتِي فِيهِ وَقد تحدث فِي شرايينه وَقد تحدث فِي ذَيْنك من حجبه والسدة تعرض عَن الأخلاط إِمَّا للزوجتها وَإِمَّا لغلظها وَإِمَّا لكثرتها واللزوجة لَا قصاب إِلَّا فِي البلغم والغلظ يصاب فِي البلغم والسوداء والبلغم يسد باللزوجة وبالغلظ وبالكثرة والسوداء بالغلظ أَو الْكَثْرَة والصفراء تسد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute