للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالَّتِي عددناها لَك فِي القانون. وأصْحِبْة أصدقاءه الظرفاء المَحبوبين إِلَيْهِ المشفقين عَلَيْهِ وَمن يستحي مِنْهُ فيكف بِسَبَبِهِ عَن تخليطه واضطرابه الضارين واجتهد فِي تنويمه وَلَو بتقريب شَيْء من الأفيون من جَبينه وَأَنْفه إِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وَإِلَّا فإياك وَذَلِكَ فَإِنَّهُ مهلك بل اسْتعْمل مثل شراب الخشخاش وضمّد رَأسه بالخس واسقه بزر الخشخاش فِي مَاء الشّعير. على أَن الأصوب أَن يدافع بالفصد إِن احتمله الْوَقْت وَلم يكن فِي تَأْخِيره خطر تفعل ذَلِك فِي الِابْتِدَاء يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة ثمَّ إِذا افتصد لم يُبَالغ إِن أمكن حَتَّى يبْقى فِي الْبدن دم تقوى بِهِ الطبيعة على مصارعة البحرانات وعَلى فقد الْغذَاء إِن أوجبه الْوَقْت وَبعد فصدك إِيَّاه فَإِن من الصَّوَاب أَن تحقنه بحقنة ليّنة جدا مثل دهن ورد مَعَ مَاء شعير أَو المَاء وَالزَّيْت وَإِن احتجت إِلَى مَا هُوَ أقوى من هَذَا بعد أَن يكون فِي دَرَجَة اللّينة فعلت واجذب الْموَاد إِلَى أَسْفَل من كل وَجه من دلك الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وغمزهما وصبّ المَاء الْحَار عَلَيْهِمَا بل بالعَصْبِ والشدّ الْمَذْكُورين بل بتعليق المحاجم عَلَيْهِمَا وخصوصاً فِي حَال هبوط الْحمى وَقبل اشتدادها إِن كَانَ لَهَا ذَلِك. وَرُبمَا وَجب فِي ابْتِدَاء الْعلَّة أَن تلْزم المحجمة كَاهِله وخذه أَولا بغاية تلطيف الْغذَاء حَتَّى يقْتَصر على السكنجبين السكرِي ثمَّ بعد ذَلِك بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ فانقله إِلَى مَاء الشّعير الرَّقِيق مَعَ السكنجبين ثمَّ الغليظ وراع فِي ذَلِك الْقُوَّة والعلّة وَكلما رَأَيْت أَعْرَاض الْعلَّة أشدّ فحدّه بتلطيف الْغذَاء أَكثر إِلَّا أَن يخَاف سُقُوط الْقُوَّة فيغذوا وجنّبهم المَاء الشَّديد الْبرد خَاصَّة إِن كَانَ فِي الْحجاب الحاجز ورم أَو فِي الأحشاء وَكلما ترى العلّة تنحطّ فدرج فِي الْغذَاء وَزِدْ مِنْهُ واجعله من القرع والبقول الْبَارِدَة والماش والحبوب الْبَارِدَة إمَّا إسفيذباجة وَإِمَّا محمّضة بالفواكه الْبَارِدَة وَفِي هَذَا الْوَقْت يَنْتَفِعُونَ بالخبز السميذ منقوعاً فِي مَاء بَارِد جدا أَو جلاب مبرّد بالثلج جدا. وَيجب أَن يسْتَعْمل فِي الِابْتِدَاء الرادعات الصرفة إلاّ أَن يكون من الْجِنْس الْعَظِيم الَّذِي ترم فِيهِ الْعُرُوق الَّتِي تخرج من الرَّأْس مُشَاركَة للحجاب فهناك يحْتَاج أَن يبْدَأ بِمَا فِيهِ قَلِيل إرخاء وتسكين وجع ثمَّ القوابض وتلتجئ إِلَى الحقن التجاء شَدِيدا ثمَّ اسْتعْمل فِي الْأَكْثَر نطولات مبرّدة لَيست بقابضة وَاجعَل فِيهَا قَلِيل خشخاش لينوم وَقَلِيل بابونج أَيْضا ليقاوم الخشخاش ويحلّل أدنى تَحْلِيل. وَإِذا انتقصت العلّة بِهَذِهِ العلاجات وَبَقِي الهذيان فاحلب على الرَّأْس اللَّبن من الضَّرع والثدي أما إِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة فلبن الماعز وَإِن كَانَت ضَعِيفَة فلبن النِّسَاء وكل حلبة أَتَت عَلَيْهَا سَاعَة فاعقبها غسلة بالنطولات المعتدلة الَّتِي يَقع فِيهَا بنفسج وأصل السوسن وبابونج مَعَ سَائِر المبردات كَمَا قَالَ بقراط فِي القراباذين. فَإِن طَالَتْ العلّة وَلم تزل بِهَذِهِ المعالجات أَو كَانَت ثَقيلَة سباتية وَجَاوَزَ حد الِابْتِدَاء وَكَانَ السّكُون فِيهَا أَكثر من الحركية فجنبه المبرّدات الشَّدِيدَة التبريد وخاصة الخشخاش وزد فِي النطولات حِينَئِذٍ بعد السَّابِع نماماً وفودنجاً وسذاب وعصارة النعناع وإكليل الْملك وَاجعَل على الرَّأْس لعاب بزر الْكَتَّان بالزيت وَالْمَاء وعرق الْبدن فِي أدهن مسخّن دَائِما.

<<  <  ج: ص:  >  >>