للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَشد الْبُطُون إسباتاً عِنْد الْقطع هُوَ أشدّها مِنْهُ إسباتاً عِنْد الضغط وَقد يكون لوجع شَدِيد من ضَرْبَة تصيب عضلات الصدغ أَو على مشاركته لأَذى فِي فَم الْمعدة أَو فِي الرَّحِم فينقبض مِنْهُ الدِّمَاغ وتنسدّ مسالك الرّوح الحساس انسداداً تعسر مَعَه حَرَكَة الرّوح إِلَى بارز وَقد يكون لشدّة ضعف الرّوح وتحلله فيعسر انبساطه. ولأنّ أول الْحَواس الَّتِي تتعطل فِي النّوم والسبات هُوَ الْبَصَر والسمع فَيجب أَن تكون الآفة فِي السبات فِي مقدم الدِّمَاغ وبمشاركة فَسَاد التَّحْلِيل فَإِنَّهُ لَو كَانَ قد سلم مقدم الدِّمَاغ وَإِنَّمَا عرض الْفساد لمؤخره لم يجب أَن يُصِيب الْبَصَر والسمع تعطل وَلم يكن نوم بل كَانَ بطلَان حَرَكَة أَو لمس وَحده ولكانت الْحَواس الْأُخْرَى بِحَالِهَا كَمَا يَقع ذَلِك فِي أمراض الجمود والشخوص وَلم يكن ضَرَر السبات بالحسّ فَوق ضَرَره بالحركة فَإِنَّهُ يبطل الْحس أصلا وَلَا يبطل الْحَرَكَة أصلا فَإِنَّهَا تبقى فِي التنفس سليمَة. وَيجب أَن تكون السدة الْوَاقِعَة فِي السبات لَيست بتامّة وَلَا بكثيفة جدا وَإِلَّا لأضرت بالتنفس. وكل سبات يتَعَلَّق بمزاج فَهُوَ للبرد أَولا وللرطوبة ثَانِيًا وَقد ينْتَقل إِلَى السبات من مثل ذَات الْجنب وَذَات الرئة وَنَحْو ذَلِك. وَمن النَّاس من تكون أخلاطه مَا دَامَ جَالِسا منكسرة غير مؤذية فيغلبه النعاس فَإِذا طرح نَفسه غارت الْحَرَارَة الغريزية فتثوّرت وهاجت أبخرة إِلَى الدِّمَاغ فَلم يغشه النّوم لَا سِيمَا فِي يَابِس المزاج. وَإِذا كثر غشيان النّوم أنفر بِمَرَض وَقيل: مَاء الرُّمَّان مِمَّا يبطئ فِي الْمعدة وَيحبس البخارات ويخلص من السهر. وَقد ذكرنَا كَيفَ يَنْبَغِي أَن تكون هيئات المضطجع على الْغذَاء. ونقول الْآن: إِن اسْتِعْمَال الاستلقاء للغذاء كثيرا يوهن الظّهْر ويرخيه وعلاجه اسْتِعْمَال الانتصاب الْكثير. وَالنَّوْم فِي الشَّمْس وَفِي الْقَمَر على الرَّأْس مخوف مِنْهُ مورث لتنخّع الدَّم لما يُحَرك من الأخلاط والخرخرة سَببهَا انطباق فَم القصبة فَلَا يخرج النَّفس إِلَّا بِضَرْب رُطُوبَة. عَلَامَات أَصْنَاف السبات: أما إِذا كَانَ السبات من برد ساذج من خَارج فعلامته أَن يكون بعقب برد شَدِيد يُصِيب الرَّأْس من خَارج أَو لبرد فِي دَاخل الْبدن والدماغ وَلَا يجد فِي الْوَجْه تهيجاً وَلَا فِي الأجفان وَيكون اللَّوْن إِلَى الخضرة والنبض متمدد إِلَى الصلابة مَعَ تفَاوت شَدِيد وَإِن كَانَ السبات من برد شَيْء مشروب من الْأَدْوِيَة المخدرة وَهُوَ الأفيون والبنج وأصل اليبروح وبزر اللفاح وَجوز ماثل وَالْفطر وَاللَّبن المتجبن فِي الْمعدة والكزبرة الرّطبَة وبزر قطونا الْكثير ويستدلّ عَلَيْهِ بالعلامات الَّتِي نذكرها لكل وَاحِد مِنْهَا فِي بَاب السمُوم وَبِأَن يكون السبات مَعَ أَعْرَاض أُخْرَى من اختناق وخضرة أَطْرَاف

<<  <  ج: ص:  >  >>