للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّتِي لَا بدّ مِنْهَا مَعَ حركات رياضية بل يحْتَاج أَن يسخن قلبه بِمَا يقويه ويرطّب بدنه وينوّم ليعتدل مزاجه. وَتَمام علاجه التنويم الْكثير وَأَن يسقى الأفتيمون أَحْيَانًا لتهدأ طَبِيعَته وَيقطع فكره وَإِذا لم ينجع فِيهِ الدَّوَاء والعلاج أُدِّب وأُوجِعَ وضُرِبَ رَأسه وَوَجهه وكوِيَ يَافُوخه فَإِنَّهُ يفِيق فَإِن عَاد أُعِيد. فصل فِي الْعِشْق هَذَا مرض وسواسي شَبيه بالمالنخوليا يكون الْإِنْسَان قد جلبه إِلَى نَفسه بتسليط فكرته على اسْتِحْسَان بعض الصُّور وَالشَّمَائِل الَّتِي لَهُ ثمَّ أعانته على ذَلِك شَهْوَته أَو لم تعن وعلامته غؤر الْعين ويبسها وَعدم الدمع إِلَّا عِنْد الْبكاء وحركة متّصلة للجفن ضحاكة كَأَنَّهُ ينظر إِلَى شَيْء لذيذ أَو يسمع خَبرا ساراً أَو يمزح وَيكون نفَسه كثير الِانْقِطَاع والاسترداد فَيكون كثير الصعداء ويتغيّر حَاله إِلَى فَرح وَضحك أَو إِلَى غم وبكاء عِنْد سَماع الْغَزل وَلَا سِيمَا عِنْد ذكر الهجر والنوى وَتَكون جَمِيع أَعْضَائِهِ ذابلة خلا الْعين فَإِنَّهَا تكون مَعَ غور مقلتها كَبِيرَة الجفن سُمّيته لسهره وتزفره الْمُنجز إِلَى رَأسه وَلَا يكون لشمائله نظام وَيكون نبضه نبضاً مُخْتَلفا بِلَا ويتغير نبضه وحاله عِنْد ذكر المعشوق خَاصَّة وَعند لِقَائِه بَغْتَة وَيُمكن من ذَلِك أَن يستدلّ على المعشوق أَنه من هُوَ إِذا لم يتعرّف بِهِ فَإِن معرفَة معشوقه أحد سبل علاجه. وَالْحِيلَة فِي ذَلِك أَن يذكر أَسمَاء كَثِيرَة تُعَاد مرَارًا وَيكون الْيَد على نبضه فَإِذا اخْتلف بذلك اخْتِلَافا عَظِيما وَصَارَ شبه الْمُنْقَطع ثمَّ عاود وجرّبت ذَلِك مرَارًا علمت أَنه اسْم المعشوق ثمَّ يذكر كَذَلِك السكَك والمساكن والحرف والصناعات وَالنّسب والبلدان وتضيف كلا مِنْهَا إِلَى اسْم المعشوق ويحفظ النبض حَتَّى إِذا كَانَ يتَغَيَّر عِنْد ذكر شَيْء وَاحِد مرَارًا جمعت من ذَلِك خَواص معشوقه من الِاسْم والحلية والحرفة وعرفته فَإنَّا قد جربنَا هَذَا واستخرجنا بِهِ مَا كَانَ فِي الْوُقُوف عَلَيْهِ مَنْفَعَة ثمَّ إِن لم تَجِد علاجاً إِلَّا تَدْبِير الْجمع بَينهمَا على وَجه يحلّه الدّين والشريعة فعلت وَقد رَأينَا من عاودته السَّلامَة وَالْقُوَّة وَعَاد إِلَى لَحْمه وَكَانَ قد بلغ الذبول وجاوزه وقاسى الْأَمْرَاض الصعبة المزمنة والحميات الطَّوِيلَة بِسَبَب ضعف الْقُوَّة لشدّة الْعِشْق لما أحس بوصل من معشوقه بعد مطل معاودة فِي أقصر مُدَّة قضينا بِهِ الْعجب واستدللنا على طَاعَة الطبيعة للأوهام النفسانية. المعالجات: تتأمل هَل أدّت حَاله إِلَى احتراق خلط بالعلامات الَّتِي تعرفها فتستفرغ ثمَّ تشتغل بترطيبهم وتنويمهم وتغذيبتهم بالمحمودات وتحميهم على شَرط الترطيب الْمَعْلُوم وإيقاعهم فِي خصومات وإشغال ومنازعات وَبِالْجُمْلَةِ أُمُور شاغلة فَإِن ذَلِك رُبمَا أنساهم مَا أدنفهم أَو يحتال فِي تعشيقهم غير المعشوق ممّن تحله الشَّرِيعَة ثمَّ يَنْقَطِع فكرهم عَن الثَّانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>