للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَرَكَة والتنفس أَو ضعفت فَلم تسهل النَّفس كَانَ هُنَاكَ زبد وَكَانَ ذَا فترات كالاختناق أَو كالغطيط فَهُوَ أصعب يدل على عجز الْقُوَّة المحرّكة لأعضاء النَّفس. وأصعبه أَن لَا يظْهر النَّفس وَلَا الزّبد وَلَا الغطيط وَإِن لم تعظم الآفة فِي التنفس وَنفذ فِي حلقه مَا يوجر وَلم يخرج من الْأنف فَهُوَ وَإِن كَانَ أَرْجَى من الآخر فَلَيْسَ يَخْلُو من خطر عَظِيم. وَقد قَالَ بقراط: إِن السكتة إِذا كَانَت قَوِيَّة لم يبرأ صَاحبهَا وَإِن كَانَت ضَعِيفَة لم يسهل بُرْؤُهُ وَهَذَا الانسداد يكون إِمَّا لانطباق وَإِمَّا لامتلاء. والانطباق هُوَ أَن يصل إِلَى الدِّمَاغ مَا يؤلمه أَو يُؤْذِيه فيتحرّك حَرَكَة الانقباض عَنهُ أَو تكون الْكَيْفِيَّة الْوَاصِلَة إِلَيْهِ قابضة مكثفة لطباعها كَالْبردِ الشَّديد. وَأما الامتلاء فَأَما أَن يكون امتلاء مورماً أَو يكون غير مورم. والامتلاء المورم هُوَ أَن يحصل هُنَاكَ مَادَّة فتسدّ من جِهَة الامتلاء وتسدّ من جِهَة التمديد وَهَذَا من أَنْوَاع السكتة الصعبة وَسَوَاء كَانَت الْمَادَّة حارة أَو كَانَت بَارِدَة. وَالَّذِي يكون بِغَيْر ورم - وَهُوَ الَّذِي يكون فِي الْأَكْثَر - فإمَّا أَن يكون فِي نفس الدِّمَاغ وبقربه فِي مجاري الرّوح من الدِّمَاغ وَإِمَّا أَن يكون فِي مجاري الرّوح إِلَى الدِّمَاغ. وَالَّذِي يكون فِي مجاري الرّوح من الدِّمَاغ وَفِي الدِّمَاغ فإمَّا خلط دموي ينصبّ إِلَى بطُون الدِّمَاغ دفْعَة وَإِمَّا خلط بلغمي - وَهُوَ الْغَالِب الأكثري - وَأما الَّذِي يكون فِي مجاري الرّوح إِلَى الدِّمَاغ فَذَلِك عِنْدَمَا يسدّ الشريانات وَالْعُرُوق من شدَّة الامتلاء وَكَثْرَة الدَّم فَلَا يكون للروح منفذ فَلَا يلبث أَن يختنق ويعرض من ذَلِك مَا يعرض عِنْد الشدّ على العرقين السباتيين من سُقُوط الْحس وَالْحَرَكَة فَإِن مثل ذَلِك إِذا وَقع من سَبَب بدني فعل ذَلِك الْفِعْل. فَهَذِهِ أَنْوَاع السكتة وأسبابها وَرُبمَا قَالُوا سكتة وعنوا بهَا الفالج الْعَام للشقّين جَمِيعًا وَإِن كَانَت أَعْضَاء الْبدن سليمَة وَرُبمَا قَالُوا الاسترخاء شقّ سكتة ذَلِك الشق قد جَاءَ ذَلِك فِي كَلَام بقراط وَقد يعرض أَن يسكت الْإِنْسَان فَلَا يفرّق بَينه وَبَين الْمَيِّت وَلَا يظْهر مِنْهُ تنفس وَلَا شَيْء ثمَّ أَنه يعِيش وَيسلم وَقد رَأينَا مِنْهُم خلقا كثيرا كَانَت هَذِه حَالهم وَأُولَئِكَ فَإِن النَّفس لَا يظْهر فيهم والنبض يسْقط تَمام السُّقُوط مِنْهُم وَيُشبه أَن يكون الْحَار الغريزي فيهم لَيْسَ بشديد الافتقار إِلَى الترويح ويفضي البخار الدخاني عَنهُ إِلَى نفس كثير لما عرض لَهُ من الْبرد وَلذَلِك استحبّ أَن يُؤَخر دفن الْمُشكل من الْمَوْتَى إِلَى أَن تستبين حَاله وَلَا أقل من اثْنَتَيْنِ وَسبعين سَاعَة. والسكتة تنْحَل فِي أَكثر الْأَمر إِلَى فالج وَذَلِكَ لِأَن الطبيعة إِذا عجزت عَن دفع الْمَادَّة من الشقين جَمِيعًا دفعتها إِلَى أقبل الشقين الموصب وأضعفهما ونفذتها فِي خلل المجاري مبعدة إِيَّاهَا عَن الدِّمَاغ وبطونه. وَقد يدل على أَن السدة فِي السكتة مُشْتَمِلَة على الْبُطُون إِنَّهَا لَو كَانَت فِي الْبَطن المؤخّر وَحده لما كَانَ يجب أَن يتعطل الحسّ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>