بالنوع فِي الْأَعْضَاء المتشابهة إِذْ فِي كل عُضْو مِنْهَا بِحَسب مزاجه قُوَّة تغير الْغذَاء إِلَى تَشْبِيه مُخَالف لتشبيه الْقُوَّة الْأُخْرَى لَكِن الْمُغيرَة الَّتِي فِي الكبد تفعل فعلا مُشْتَركا بِجَمِيعِ الْبدن. وَأما الْقُوَّة المولدة فَهِيَ نَوْعَانِ: نوع يُولد الْمَنِيّ فِي الذُّكُور وَالْإِنَاث وَنَوع يفصل القوهَ الَّتِي فِي الْمَنِيّ فيمزجها تمزيجات بِحَسب عُضْو عُضْو فيخص للعصب مزاجاً خَاصّا وللعظم مزاجاً خَاصّا وللشريانات مزاجاً خَاصّا وَذَلِكَ من مني متشابهة الْأَجْزَاء أَو متشابهة الإمتزاج وَهَذِه الْقُوَّة تسميها الْأَطِبَّاء الْقُوَّة الْمُغيرَة. وَأما المصورة الطابعة فَهِيَ الَّتِي يصدر عَنْهَا بِإِذن خَالِقهَا تخطيط الْأَعْضَاء وتشكيلاتها وتجويفاتها وثقبها وملاستها وخشونتها وأوضاعها ومشاركاتها. وَبِالْجُمْلَةِ الْأَفْعَال الْمُتَعَلّقَة بنهايات مقاديرها. وَالْخَادِم لهَذِهِ الْقُوَّة المتصرفة فِي الْغذَاء بِسَبَب حفظ النَّوْع هِيَ الْقُوَّة الغاذية والنامية. الْفَصْل الثَّالِث الْقُوَّة الطبيعية الخادمة وَأما الخادمة الصرفة فِي القوى الطبيعية فَهِيَ خوادم الْقُوَّة الغاذية وَهِي قوى أَربع: الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة. والجاذبة: خلقت لتجذب النافع وَتفعل ذَلِك بِلِيفٍ الْعُضْو الَّذِي هِيَ فِيهِ الذَّاهِب على الإستطالة. والماسكة: خلقت لتمسك النافع ريثما تتصرّف فِيهِ الْقُوَّة المغيّرة لَهُ الممتازة مِنْهُ وَيفْعل ذَلِك وَأما الهاضمة فَهِيَ الَّتِي تحيل مَا جذبته الْقُوَّة الجاذبة وأمسكته الماسكة إِلَى قوام مُهَيَّأ لفعل الْقُوَّة الْمُغيرَة فِيهِ وَإِلَى مزاج صَالح للإستحالة إِلَى الغذائية بِالْفِعْلِ. هَذَا فعلهَا فِي النافع وَيُسمى هضماً. وَأما فعلهَا فِي الفضول فَإِن تحيلها إِن أمكن إِلَى هَذِه الْهَيْئَة وَيُسمى أَيْضا هضماً أَو يسهل سَبِيلهَا إِلَى الاندفاع من الْعُضْو المحتبس فِيهِ بِدفع من الدافعة بترقيق قوامها إِن كَانَ الْمَانِع الغلظ أَو تغليظه إِن كَانَ الْمَانِع الرقة أَو تقطيعه إِن كَانَ الْمَانِع اللزوجة. وَهَذَا الْفِعْل يُسمى الإنضاج وَقد يُقَال الهضم والإنضاج على سَبِيل الترادف. وَأما الدافعة: فَإِنَّهَا تدفع الْفضل الْبَاقِي من الْغذَاء الَّذِي لَا يصلح للإغتذاء أَو يفضل عَن الْمِقْدَار الْكَافِي فِي الإغتذاء أَو يَسْتَغْنِي عَنهُ أَو يستفرغ عَن إستعماله فِي الْجِهَة المرادة مثل الْبَوْل. وَهَذِه الْقُوَّة تدفع هَذِه الفضول من جِهَات ومنافذ معدة لَهَا. وَأما إِن لم تكن هُنَاكَ منافذ معدة فَإِنَّهَا تدفع من الْعُضْو الْأَشْرَف إِلَى الْعُضْو الأخس وَمن الأصلب إِلَى الأرخى. وَإِذا كَانَت جِهَة الدّفع هِيَ جِهَة ميل مَادَّة الْفضل لم تصرفها الْقُوَّة الدافعة عَن تِلْكَ الْجِهَة مَا أمكن. وَهَذِه القوى الطبيعية الْأَرْبَع تخدمها الكيفيات الْأَرْبَع الأولى أَعنِي الْحَرَارَة والبرودة والرطوبة واليبوسة. أما الْحَرَارَة فخدمتها بِالْحَقِيقَةِ مُشْتَركَة للأربع وَأما الْبُرُودَة فقد يخْدم بَعْضهَا خدمَة بِالْعرضِ لَا بِالذَّاتِ فَإِن الْأَمر الَّذِي بِالذَّاتِ للبرودة أَن يكون مضاداً لجَمِيع القوى لِأَن أَفعَال جَمِيع القوى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute