للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لضوئها لَا يحققها. وَكَذَلِكَ إِذا كَانَت فِي الْبَاطِن من آثَار الأبخرة القليلة الَّتِي لَا يَخْلُو عَنْهَا مزاج وطبع الْبَتَّةَ إِلَّا أَن هذَيْن يخفيان على الْأَبْصَار لَيست الَّتِي فِي غَايَة الذكاء وَإِنَّمَا يتخيلان لمن هُوَ شَدِيد حِدة الْبَصَر جدا وَهَذَا مِمَّا لَا ينْسب إِلَى مضرَّة. وَأما الْقسم الآخر: فإمَّا أَن يكون فِي الطَّبَقَات وَإِمَّا أَن يكون فِي الرطوبات. وَالَّذِي يكون فِي الطَّبَقَات فَهُوَ أَن يكون على الطَّبَقَة القرنية آثَار خُفْيَة جدا بقيت عَن الجدري أَو عَن رمد وبثور أَو غير ذَلِك فَلَا يظْهر للعين من خَارج وَيظْهر للعين من بَاطِن من حَيْثُ لَا يشف الْمَكَان الَّذِي هُوَ فِيهِ فيخفى تَحْتَهُ من المحسوس وَمن الْهَوَاء الشاف أَجزَاء ترى كَثِيرَة بِمِقْدَار مَا لَو كَانَت بِالْحَقِيقَةِ مَوْجُودَة من خَارج لَكَانَ ذَلِك الْجُزْء الصَّغِير قدر شجها من الثقبة العنبية. وَأما الَّتِي تكون فِي الرطوبات فَهِيَ على قسمَيْنِ لِأَنَّهَا إِمَّا أَن تكون قد اسْتَحَالَ إِلَيْهَا جَوْهَر الرُّطُوبَة نَفسه أَو تكون قد وَردت على جَوْهَر الرُّطُوبَة مِمَّا هُوَ خَارج عَنْهَا. وَالَّتِي تكون قد اسْتَحَالَ إِلَيْهَا جَوْهَر الرُّطُوبَة نَفسه فإمَّا أَن يعرض لجزء مِنْهَا سوء مزاج يُغير لَوْنهَا ويزيل شفيفها فَلَا يشفّ ذَلِك الْقدر مِنْهَا لبرد أَو لرطوبة أَو لحرارة يغلى ذَلِك الْقدر ويثير فِيهِ هوائية وَمن شَأْن الهوائية إِذا خالطت الرقيقة الشفافة أَن تجعلها كثيفة اللَّوْن زبدية غير شافة أَو ليبوسة مكثفة جمَاعَة جدا. وَالَّذِي يكون الْوَارِد عَلَيْهَا مِنْهُ هُوَ من غَيره فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون عرضياً غير مُتَمَكن وَهُوَ من جنس البخارات الَّتِي تتصعد من الْبدن كُله أَو من الْمعدة أَو من الدِّمَاغ إِذا كَانَت لَطِيفَة تحصل وتتحلل وكما يكون فِي البُحرانات وَبعد الْقَيْء وَبعد الْغَضَب وَإِمَّا أَن يتَمَكَّن فِيهَا وينذر بِالْمَاءِ. وتختلف هَذِه الخيالات فِي مقاديرها فَتكون صَغِيرَة وكبيرة وَقد تخْتَلف فِي قوامها فَتكون كثيفة ورقيقة خُفْيَة وَقد تخْتَلف فِي أوضاعه فَتكون متخلخلة وَقد تكون متكاثفة ضبابية وَقد تخْتَلف فِي أشكالها فَتكون حبيبية وَتَكون بَقِيَّة وذبابية وَقد تكون خيطية وشعرية بالطول. العلامات: عَلامَة مَا يكون من ذكاء الْحس أَن يكون خَفِيفا لَيْسَ على نهج وَاحِد وشكل وَاحِد ويصحب الْإِنْسَان مُدَّة صِحَة بَصَره من غير خلل يتبعهُ. وَالَّذِي يكون بِسَبَب القرنية تحل عَلَيْهِ أَسبَابه الْمَذْكُورَة وَأَن يثبت مُدَّة لَا يتزايد وَلَا يُؤَدِّي إِلَى ضَرَر فِي الْبَصَر غَيره. وَالَّذِي يكون من سَبَب فِي البيضية فَأن تكون مدَّته طَوِيلَة وَلم يؤد إِلَى آفَة عَظِيمَة وَيكون إِمَّا عقيب رمد حَار وَإِمَّا عقيب سَبَب مبرد أَو مسخن وَهُوَ مِمَّا يعلم بالحدس وخصوصاً إِذا وجدت القرنية صقيلة صَافِيَة لَا خشونة فِيهَا بِوَجْه ثمَّ كَانَ شَيْء ثَابت لَا يزِيد وَلَا يُؤَدِّي إِلَى ضَرَر عَظِيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>