وَأما الَّذِي يكون سَببه بخارات معدية وبدنية فَيعرف بِسَبَب أَنَّهَا تهيج مَعَ المبخرات وَعند الامتلاء والهضم وَعند الحركات والدوار والسدر وَلَا يثبت على حَالَة وَاحِدَة بل يزِيد وَينْقص وَلَا يخْتَص بِعَين وَاحِدَة بل يكون فِي الْعَينَيْنِ وَإِذا كَانَ مَعَه الغثيان صحت دلَالَته وَإِذا كَانَ الْقَيْء والاستفراغ بالأيارج وتلطيف الْغذَاء والعناية بالهضم يزِيدهُ أَو ينقصهُ. وَقد علمت فِي بَاب ضعف الْبَصَر عَلَامَات مَا سَببه يبس البيضية أَو غَيره وَإِذا استمرت صِحَة الْعين والسلامة بِصَاحِب الخيالات سِتَّة أشهر فَهُوَ على الْأَكْثَر فِي أَمن وَالَّذِي هُوَ من الخيالات مُقَدّمَة للْمَاء فَإِنَّهُ لَا يزَال يتدرج فِي تكدير الْبَصَر إِلَى أَن ينزل المَاء أَو ينزل يعده المَاء دفْعَة وقلما يُجَاوز سِتَّة أشهر فَإِذا رَأَيْت الخيالات تَزُول وتعود وتزيد وتنقص فَاعْلَم أَنَّهَا لَيست مائية. وَإِذا رَأَيْت الثَّانِيَة تطول مدَّتهَا وَلَا تستمر فِي إضعاف الْبَصَر فَاعْلَم أَنَّهَا لَيست مائية. المعالجات لابتداء المَاء والخيالات: أولى الخيالات بِأَن يقبل على علاجه مَا كَانَ منذراً بِالْمَاءِ وَأما سَائِر ذَلِك فَمَا كَانَ مِنْهُ من يبوسة فَرُبمَا نفع مِنْهُ المرطبات الْمَعْلُومَة. وَإِن كَانَ عَن رُطُوبَة وَغير ذَلِك مِمَّا لَيْسَ عَن يبوسة تقع مِنْهُ كل مَا يجلو من الأكحال. وَأما الْمُنْذر بِالْمَاءِ فَيجب أَن يبْدَأ فينقي الْبدن وخصوصاً الْمعدة ثمَّ تقبل على تنقية الرَّأْس بالغرغرات والسعوطات والمضوغات. وَأما العطوصات فَمن جِهَة مَا ترخي وتنقي يُرْجَى مِنْهَا التنقية وتنقي من جِهَة عنف تحريكها فيخاف مِنْهَا تَحْرِيك المَاء وخصوصاً إِن كَانَ وَاقعا دون الْعصبَة وبقربها. وَاعْلَم أَن أيارج فيقرا جليل النَّفْع فِيهِ. وَكَذَلِكَ حب الذَّهَب وَمَا يَقع فِيهِ من أدوية القنطوريون والقثاء المر وَقد علمت فِي أَبْوَاب علاج الرَّأْس وتنقيته مَا يَنْبَغِي أَن تعتمده وَيجب أَن تكون التنقية بأيارج فيقرا وَحب الذَّهَب على سَبِيل الشبيار متواترة جدا وَلَا يسْتَعْمل لأدوية الملطفة والجلاءة أكحالاً إِلَّا بعد التنقية. وينفع فِي ابْتِدَاء المَاء فصد شريان خلف الْأذن وَيَنْبَغِي أَن يبتدأ بالأدوية اللينة مثل مَاء الرازيانج بِعَسَل وزيت وبمثل مَا قيل من أَن شم المرزنجوش نَافِع لمن يخَاف نزُول المَاء إِلَى عينه وَكَذَلِكَ ينشف دهنه وَقد قيل أَن إرْسَال الحرق على الصدغين ينفع فِي ابْتِدَائه وَقد مُدح الاكتحال ببزر الكَتَم وَذكر أَنه يزِيل المَاء ويحلله وَأَنه غَايَة ثمَّ يتدرّج إِلَى الْأَدْوِيَة المركَّبة من السكبينج وَأَمْثَاله من ذَلِك: السكبينج ثَلَاثَة الحلتيت والخربق الْأَبْيَض من كل وَاحِد عشرَة الْعَسَل ثَمَانِيَة قوطوليات. وَعَما هُوَ مجرّب جدا رَأس الخطّاف بِعَسَل يكتحل بِهِ وشياف أصطفطيقان وَجَمِيع المرارات الْمَذْكُورَة فِي بَاب ضعف الْبَصَر. وَأقوى مِنْهُ شياف المرارة المارستاني وَأَيْضًا كحل أوميلاوس والكحل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute