للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل هذا ندركه أو ينبغي أن ندركه؛ لندرك مدى تغلغل الفكر الصليبي في شرقنا الإسلامي.

٢- انتشار الفكر القومي:

ما كانت القوميّة بالمعيار الإسلامي إلّا دعوة إلى عصبية قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوها فإنَّها منتنة" , لكن حين أريد الكيد للإسلام والقضاء على دولته التي تتجمَّع تحت العقيدة الإسلامية أصرَّت الجمعيات السرية على الدعوة إلى القومية وإثارة نعرتها في كثير من البلاد٢.

فتشكَّلت داخل دول الغرب الصليبي الجمعيات السرية التي تدعو إلى القومية, أو تنادي بها, وراحت تحيك المؤامرات للإحاطة بدولة الخلافة وبنظام الحكم الإسلامي -أيًّا كان ضعفه ودرجة تمسكه,

وقامت على الفكر القومي جماعات وأحزاب، ولا تزال حتى اليوم تمسك بزمام الحكم والفكر بعد أن نجحت مع أعداء الإسلام في إسقاط دولة الخلافة الإسلامية, ولا يكتفي الفكر القومي بغزو العقول والقلوب عن طريق وسائل


١ نشأت الجمعيات السرية التي تدعوا إلى القومية في أوربا القرن التاسع عشر، مع أنَّ أوربا كانت قد جاوزت الدعوة واعتبرتها دعوة مختلفة. واقترفت القومية في تاريخنا بحرب الإسلام، فحين أراد التدبير الصليبي الصهيوني سلخ تركيا من الإسلام، والإجهاز على الخلافة الإسلامية، نشطت الدعوة القومية داخل تركيا "القومية الطورانية", وداخل البلاد العربية "القومية العربية", وتحت علم القومية سارت جيوش من المسلمين لتحارب بقيادة "لورانس" الإنجليزي، جيوش الدولة التركية المسلمة.
وحين خشي الاستعمال الجاثم على صدر البلاد الإسلامية أن تتجمَّع مرة أخرى على الإسلام عقب الحرب العالمية الثانية، دعا وزير الخارجية الإنجليزية إلى فكرة الجامعة العربية، بديلًا عن الجامعة الإسلامية!
وفي الخمسينات اشتدت الدعوة إلى القومية العربية بديلًا عن الدعوة الإسلامية القوية التي كانت قد تمكَّنت في مصر وفي غيرها من البلاد العربية, وتحت زعامات عربية "مصنوعة", جرى جرّ الجماهير العربية بعيدًا عن الإسلام. "راجع تفصيل ذلك تلميحًا في كتاب "العالم العربي اليوم" للكاتب الأمريكي موروبيرجر، وراجع "أساليب للغزو الفكري ص٨٥-٨٤".

<<  <   >  >>