ويجري الاتفاق على تلك الصفقات السياسية وراء خطوط الهدنة اليهودية, أو في العواصم الأوربية، أو في أوكار الماسونية، والشعب المسلم الوادع يغطُّ في نوم عميق!
على أنه دائمًا مع هذه الصفقات، فإن الطرف الأقوى يكون على استعداد دائمًا للتضحية بالطرف الضعيف، رغم ما قد يحاط به من مظاهر القوة والأبَّهة والسلطان, كما أنه في كل الأحوال يصنع البديل إذا تَمَّت التضحية بالعميل, أو هلك بأي سبب آخر من الأسباب, وقد يكون البديل شخصًا, وقد يكون نظامًا مغايرًا يحلّ محلَّ النظام القديم؛ ليضعف الربط بين القديم والجديد, وليستمر الخداع مدة أطول حتى يكشف الجديد.
وفي الحقيقة: إنَّ مثل هذه الصفقات وإن بدت بين طرفين، إلَّا أنها أشبه بعقود الإذعان؛ إذ مَنْ رضي لنفسه العمالة ضد دينه أو وطنه لا يستطيع بعد ذلك أن يرفع رأسه, ولا أن يقف من الطرف الآخر موقف الند للند، بل إنّ موقفه دائمًا موقف الإذعان والخذلان.
٣- صناعة وتجارة الشعارات:
والشعارات هي الأخرى تصنع كما يصنع الزعماء، وكما تصنع الانقلابات.
ولقد بدأ ذلك منذ الثورة الفرنسية التي رفعت شعار: الحرية والإخاء والمساواة.
وظهر فيما بعد أنَّ الحرية كانت لليهود الذين كانوا يمنعون كثيرًا من الحقوق, وأنَّ الإخاء كذلك لليهود الذين كانوا في درجة دنيا دون درجة المواطنين، والمساواة كذلك لليهود الذين كانت الفوارق بينهم وبين النصارى كبيرة وعديدة.
وتلتها ثورات كثيرة ترفع الشعارات, كما تلتها انقلابات عسكرية كذلك ترفع الشعارات.