محمد بن محمد بن محمد بن سيد الناس اليعمري أن الشيخ بهاء الدين بن النحاس رحمه الله دخل إلى الجامع الأزهر فوجد أبا الحسين الجزار جالسا وإلى جانبه مليح ففرق بينهما وصلى ركعتين ولما فرغ قال لأبي الحسين ما أردت إلا قول ابن سناء الملك فقال أبو الحسين الجزار وأنا تفاءلت بقول صاحبنا السراج الوراق أما مراد الشيخ بها الدين فهو إشارة إلى قول ابن سناء الملك:
أنا في مقعد صدقٍ ... بين قوّادٍ وعلق
وأما مراد أبي الحسين الجزار من قول سراج الوراق فهو:
ومهفهفٍ راضَ الأبيّ ... فقادَهُ سلِسَ القياد
فلما توسّط بيننا ... جرت الأمور على السداد
فبلغ كل منهما ما أراد من صاحبه ولم يشعر أحد بمراد الاثنين غيرهما. قلت وبالنسبة إلى هذا الذكاء المفرط الصادر من هؤلاء القوم يتعين أن نورد هنا نبذة من كتاب الأذكياء لابن الجوزي.
[ذكاء المنصور]
فمن ذلك ما روي عن منصور بن العباس وهو أنه جلس يوما في إحدى قباب المدينة فرأى رجلا ملهوفا يجول في الطرقات فأرسل إليه من أتاه به فسأله عن حاله فأخبره أنه خرج في تجارة فأفاد فيها مالا كثيراً وأنه رجع بها إلى زوجته ودفع المال إليها فذكرت المرأة أن المال سرق من المنزل ولم ير نقبا ولا مسلقا فقال له المنصور منذ كم تزوجتها قال منذ سنة قال تزوجتها بكرا أم ثيبا قال ثيبا قال شابة أم مسة قال شابة فدعا له