أنصرف عضد الدولة التفت العطار إلى الحاج وقال له: يا أخي متى أودعتني هذا العقد وفي أي شيء هو ملفوف فذكرني لعلي أتذكر فقال من صفته كذا وكذا فقام وفتش ثم فتح جرابا وأخرج منه العقد وقال: الله أعلم أنني كنت ناسيا ولو لم تذكرني ما تذكرت فأخذ الحاج العقد ومضى إلى عضد الدولة فأعلمه فعلقه في عنق العطار وصلبه على باب دكانه ونودي عليه هذا جزاء من استودع ثم جحد ثم أخذ الحاج العقد ومضى إلى بلاده.
[ذكاء إياس]
ومثله ما نقل عن ذكاء اياس الذي سارت به الركبان قيل أن رجلا استودع أمين اياس مالا وخرج المودع إلى الحجاز فلما رجع طلبه فجحده فأتى اياسا فأخبره فقال له اياس أعلمته أنك أتيتني قال لا قال افنازعته عند غيري قال لا قال: فانصرف واكتم سرك ثم عد إلي بعد يومين فمضى الرجل ودعا إياس أمينه فقال قد حضر عندنا مال كثير أريد أن أسلمه إليك أفحصين منزلك؟ قال نعم قال فأعد موضعا للمال وقوما يحملونه وعاد الرجل إلى أياس فقال انطلق إلى صاحبك فإن جحد فقل له إني أخبر القاضي بالقصة فأتى الرجل صاحبه فقال: تعطيني الوديعة أو أشكوك إلى القاضي وأخبره بالحال فدفع إليه المال فرجع الرجل وأخبر اياسا وقال أعطاني الوديعة وجاء الأمين إلى اياس ليأخذ المال الموعود به فزجره وقال له لا تقربني بعد هذا يا خائن.
[ذكاء في القضاء]
ومثله أنه ولِّي القضاء رجل مشهور الدين والذكاء المفرط فجاءه رجل استودع