إلى الأفعى وكان هناك جارية زمنة خرساء قد رأت ما صنعت الأفعى ووافى الملك من الصيد في آخر النهار فقال يا غلمان ادركوني بالثريدة فلما وضعت بين يديه أومأت الخرساء فلم يفهم ما تقول ونبح الكلب وصاح فلم يلتفت إليه ولجّ في الصياح فلم يعلم مراده فقال للغلمان نحوه عني ومد يده إلى اللبن بعد ما رمى إلى الكلب ما كان يرمي إليه فلم يلتفت الكلب إلى شيء من ذلك ولم يلتفت إلى يغر الملك فلما رآه يريد أن يضع اللقمة من اللبن في فيه وثب إلى وسط المائدة وأدخل فمه وكرع في اللبن فسقط ميتها وتناثر لحمه وبقي الملك متعجبا من الكلب وفعله فأومأت الخرساء إليهم فعرفوا مرادها وما صنع الكلب فقال الملك لحاشيته هذا الكلب فداني بنفسه وقد وجب أن أكافئه وما يحمله ويدفنه غيري فدفنه وبنى عليه القبة التي رأيتها.
[من أخبار الحمقى]
قلت قد أوردنا نبذة لطيفة من كتاب الأذكياء لابن الجوزي مختلفة الأنواع وقد تعين أن نورد له هنا نبذة لطيفة من كتاب الحمقى والمغفلين لأنه قال في كتاب الحمقى: ما وضعت ذلك إلا لأن النفس قد تمل من ملازمة الجد وترتاح إلى بعض المباح من اللهو كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الحنظلة ساعة وساعة. وعن علي رضي الله عنه أنه قال روحوا القلوب بطرائف الحكم فإنها تمل كما تمل الأبدان.
وكان رجل يجالس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثهم فإذا أكثروا وثقل عليه الحديث قال ان الأذن بحاجة وإن القلوب خمصة هاتوا من أشعاركم