ومنه أنه استودع رجل بالكوفة رجلا مالا وحج ورجع فطلبه فجحده وجعل يحلف له فانطلق الرجل إلى أبي حنيفة فخلا به وأخبره بذلك فقال له الإمام لا تكلم أحدا بجحوده وكان الرجل يجالس أبا حنيفة فقال له وقد خلا لهم المكان إن هؤلاء بعثوا يستشيرونني في رجل يصلح للقضاء وقد اخترتك فأنصرف من عند الإمام فجاء صاحب الوديعة فقال له الإمام أرجع إلى صاحبك وذكره لاحتمال أن يكون ناسيا فذهب إليه وسأله فلم يحتج معه إلى علامة بل دفع إليه متاعه وتوجه بعد ذلك إلى أبي حنيفة فقال له أبو حنيفة إني نظرت في أمرك فأردت أن أرفع قدرك ولا أسميك حتى يحضر ما هو أنفس من هذا.
ومنه أنه كان بجوار أبي حنيفة شاب يغشى مجلسه فقال له يوما من الأيام يا إمام أريد التزويج إلى فلانة من أهل الكوفة وقد خطبتها من وليها فطلب مني من المهر فوق وسعي وطاقتي فقال أبو حنيفة: فاستخر الله تعالى وأعطهم ما طلبوه فلما عقدوا النكاح جاء إلى أبي حنيفة فقال إني سألتهم أن يأخذوا مني البعض ويدعوا البعض عند الدخول فأبوا فما ترى قال احتل واقترض حتى تدخل بأهلك فإن الأمر يكون أسهل عليك من تعقيدهم ففعل ذلك فلما زفت إليه دخل بها قال له أبو حنيفة ما عليك أن تظهر الخروج بأهلك عن هذا البلد إلى موضع بعيد فاكترى الرجل جملين وأحضر آلة السفر وما يحتاج إليه وأظهر أنه يريد