أن عبد الله بن المعتز من خلفاء بني العباس مع كماله وغزارة فضله كان لم يزل منغصا في مدة حياته بويع له بالخلافة وظن أن الحظ قد تنبه له فلم يتم الأمر له إلا يوما واحداً ثم قبض عليه وقتل رحمه الله تعالى على أنه ما وافق على ولاية الآمر حتى اشترط عليهم أن لا يسفكوا في واقعته دما ومحله من الأدب لا يخفى وشمعة فضله كالصبح لا تقط ولا تطفى وقد قيل:
لله درك من ملكٍ بمضيعةٍ ... ناهيك في العلم والعلياء والحسب
ما فيه لو ولا ليتٌ تنقصُهُ ... وإنما أدركتهُ حرفةُ الأدب
وقال ابن الساعاتي:
عفتُ القريضَ فلا أسمو له أبداً ... حتى لقد عفتُ أن أرويه في الكتب
هجرت نظمي له لا من مهانته ... لكنها خفيةٌ من حرفة الأدب
قلت وما برح الزمان مولعا بخمول أهل الأدب وخمود نارهم. كان الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين يوسف من كبار أهل الأدب، وكان حسن السيرة متدينا قل أن عاقب على ذنب وله المناقب الجميلة وكان أكبر إخواته، ومع كمال صفاته وآدابه التي سارت بها الركبان ما صفاه له الدهر ولا هناه بالملك بعد أبيه السلطان صلاح