للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرجع عن جوابه إلى ما قلت ولم يخرج إلي كتاباً بعد هذا.

قال الشافعي واستأذنته في الرحيل فقال ما كنت لآذن لضيف بالرحيل عني وبذل لي في مشاطرة نعمته فقلت ما لذا قصدت ولا لذا أردت ولا رغبتي إلى في السفر قال فأمر غلامه أن يأتي بكل ما في خزانته من بيضاء وحمراء فدفع إلي ما كان فيها وهو ثلاثة آلاف درهم وأقبلت أطوف العراق وأرض فارس وبلاد الأعاجم وألقى الرجال حتى صرت ابن إحدى وعشرين سنة ثم دخلت العراق في خلافة هارون الرشيد فعند دخول الباب تعلق بي غلام فلاطفني وقال لي ما أسمك فقلت محمد قال ابن من قلت ابن إدريس الشافعي فقال مطلبي فقلت أجل فكتب ذلك في لوح كان في كمه وخلى سبيلي فأويت في بعض المساجد أفكر في عاقبة ما فعل حتى إذا ذهب من الليل النصف كبس المسجد واقبلوا يتأملون وجه كل رجل حتى أتوا إلي فقالوا للناس لا بأس عليكم هذا هو الحاجة والغاية المطلوبة ثم أقبلوا علي وقالوا أجب أمير المؤمنين فقمت غير ممتنع فلما بصرت بأمير المؤمنين سلمت عليه سلاماً بينا فأستحسن الألفاظ ورد عليَّ الجواب ثم قال تزعم أنك من بني هاشم فقلت يا أمير المؤمنين كل زعم في كتاب الله باطل فقال ابن لي عن نسبك فانتسبت حتى لحقت آدم عليه السلام فقال لي الرشيد ما تكون هذه الفصاحة ولا هذه البلاغة إلا في رجل من ولد المطلب هل لك أن أوليك قضاء المسلمين وأشاطرك ما أنا فيه وتنفذ فيه حكمك وكمي على ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام واجتمعت عليه الأمة فقلت يا أمير المؤمنين لو سألتني أن أفتح باب القضاء بالغداة وأغلقه بالعشى بنعمتك هذه ما فعلت ذلك أبداً فبكى الرشيد وقال تقبل من عرض الدنيا شيء قلت يكون معجلاً فأمر لي بألف دينار فما برحت من مقامي حتى قبضتها ثم سألني بعض الغلمان والحشم أن أصلهم من صلتي فلم تسع المروءة إن كنت مسؤولاً غير المقاسمة فيما أنعم الله به علي فخرج لي قسم كأقسامهم ثم عدت إلى المسجد الذي كنت فيه في ليلتي فتقدم يصلي بنا غلام صلاة الفجر في جماعة فأجاد القراءة ولحقه سهو ولم يدر كيف الدخول ولا كيف الخروج فقلت له بعد السلام أفسدت علينا وعلى نفسك أعد فأعاد مسرعاً وأعدنا ثم قلت له أحضر بياضاً أعمل لك باب السهو في الصلاة والخروج منها فسارع إلى ذلك ففتح الله عز وجل عليَّ فألفت له كتاباً من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام وإجماع المسلمين وسميته باسمه وهو أربعون جزءاً يعرف بكتاب الزعفران وهو الذي وضعته بالعراق حتى تكامل في ثلاث سنين وولاني الرشيد الصدقات بنجران وقدم الحاج فخرجت أسألهم عن الحجاز فرأيت فتى في قبته فلما أشرت إليه بالسلام أمر قائد القبة أن يقف وأشار إليَّ بالكلام فسألته عن الإمام مالك وعن الحجاز أجاب بخير ثم عاودته إلى السؤال عن مالك فقال لي أشرح لك أو أختصر قلت في الاختصار البلاغة فقال في صحة جسم وله ثلثمائة جارية يبيت عند الجارية ليلة فلا يعود إليه إلى سنة فقد اختصرت لك خبره.

قال الشافعي رضي الله عنه فاشتهيت أن أراه

<<  <  ج: ص:  >  >>