للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منوالها ولم تسمح على غلبة الظن قريحة بمثالها.

وهي يقبل المملوك أرضا من يمَّها أو تيمم بثراها حصل له الفخر والمجد، ففلا برح هيام الوفود إلى أبوابها أكثر من هيام العرب إلى ربا نجد، ولا زالت فحول الشعراء تطلق أعنة لفظها فتركض في ذلك المضمار، وتهيم بواديها الذي يجب أن ترفع فيه على أعمدة المدائح بيوت الأشعار، وينهي بعد اشواق أمست الدموع بها في محاجر العين معثرة، ولو لم يقر إنسانها بمراسلات الدمع لقلت قتل الإنسان ما أكفره، وصول المملوك إلى دمشق المحروسة فيا ليته قبض قبل ما كتب عليه الوصول، ودخوله غليها ولقد والله تمنى خروج الروح عند الدخول، فنظر المملوك إلى قبة يلبغا وقد طار بها طير الحمام وجثت حولها تلك الأسود الضارية، فتطيرت في ذلك الوقت من القبة والطير وتعوذت بالغاشية، ودخلت بعد ذلك إلى القبيبات التي صغر اسمها لأجل التحبب، فوجدتها وقد خلا منها كل منزل كان آنسا بحبيبه، فأشد به لسان الحال قفا نبك من ذكرى حبيب، ونظرت بعد القباب إلى المصلى وما فعلت به سكان تلك الخيام، والتفت إلى بديع بيوته التي حسن بناء تأسيسها وقد فسد منها النظام:

فسال وقد وقعتُ عقيق دمعي ... على أرض المصلَّى والقباب

<<  <  ج: ص:  >  >>