جرت عادتهم في العراق وتلك البلاد أن يفعلوا هذا لأنهم يتعاملون بالقطع الصغار ويسمونها القراضا ويتعاملون أيضاً بالمثلوم وهذا كثير الوجود بأيديهم فجاء الكمال إلى ذلك الشاعر وقال له الصاحب يقول لك أنفق الساعة هذا حتى يجهز لك شيئاً فتوهم الشاعر أن الكمال يكون قد قرض القطعة من الدينار وأن شرف الدين ما سيره إلا كاملاً وقصد استعلام الحال من جهة شرف الدين فكتب إليه:
يا أيُّها المولى الوزير ومن به ... في الجود حقَّاً تضرب الأمثالُ
أرسلت بدر التمِّ عند كماله ... حسناً فوافى العبد وهو هلال
ما غاله النقصان إلاَّ أنّه ... بلغ الكمال كذلك الآجال
فأعجب شرف الدين بهذا المعنى وحسن الاتفاق وأجاز الشاعر وأحسن إليه انتهى.
ومنه ما حكي أن إبراهيم بن سهل الأشبيلي كان يهودياً فأسلم وحسن إسلامه حتى أنه مدح النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم وكان يقرأ مع المسلمين ويخالطهم وكان يحب يهودياً اسمه موسى وأكثر شعره فيه فلما أسلم أحب شاباً اسمه محمد وترك هوى اليهودي فقيل له في ذلك فأنشد:
تركت هوى موسى بحب محمدٍ ... هديت ولولا الله ما كنت أهتدي
وما عن قلىً تركي هواه وإنما ... شريعة موسى عُطِّلت بمحمد
وكان إبراهيم هذا شاعراً مجيداً اتفق له في صباه أن الهيثم نظم قصيدة مدح بها المتوكل على الله بن يوسف بن هود ملك الأندلس وقد كانت أعلامه