المذكوران كانا قائمين بين يديه وكان يوماً مشهوداً وأمر محموداً فوقع الصلح على ما أراد الكامل محمد وملوك الأفرنج والعساكر كلها واقفة بحضرته ومد سماطا عظيماً اجتمع عليه المؤمن والكافر والبر والفاجر فقام المحلِّي الشاعر وأنشد:
هنيئاً فإن السعد راح مخلّدا ... وقد أنجز الرحمن بالنصر موعدا
حبانا إله الخلق فتحاً به المنى ... مبيناً وإنعاماً وعزّاً مؤيَّدا
تهلَّل وجه الأرض بعد قطوبه ... وأصبح وجه الشرك بالظلم أسودا
ولما طغا البحر الخضمُّ بأهله الط ... غاة وأضحى بالمراكب مزبدا
أقام بهذا الدين من سلّ عزمه ... صقيلاً كما سلّ الحسام مجرّدا
فلم ينج إلاّ كلّ شلوٍ مجدّلٍ ... ثوى منهُمُ أو من تراه مقيّدا
ونادى لسان الكون في الأرض رافعاً ... عقيرته في الخافقين مشيّدا
أعبَّاد عيسى إنّ عيسى وقومه ... وموسى جميعاً يخدمون محمّدا
قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة بلغني أنه وقت الإنشاد أشار عند قوله عيسى إلى المعظم وعند قوله موسى إلى الأشرف وعند قوله محمد إلى الكامل وهذا من أحسن الاتفاق انتهى.
ومنه ما حكي عن جمال الدين كاتب سر الملك المعظم عيسى أنه كان بينه وبين السلطان