يا شيخ أما تستحي كلما تراني جالساً تجيء تركب أكتافي وأنت لست تعرف ما أطالعه ولا لك شعور به فلما أخجله بهذا التعنيف قال له يا سيدي الشيخ ما هذا الذي تطالع فيه من العلوم فقال شيء في الأقتباس فقال له أنشدني منه شيئاً ففكر ابن كثير ساعة واقتبس في مطالعة الحال وقال:
كيد حسودي وهَنَا ... ولي سرورٌ وهنا
الحمد لله الذي ... أذهب عنّا الحزنا
فلما فرغ من إنشاده قال له هذا الذي أفكرت فيه وتتكثر به أسمع ما أقول فأنشد ارتجالاً من غير وقفة:
قلبي إلى الرشد يسير ... وعنده النَّظم يسيرْ
الحمد لله الذي ... فضّلنا على كثير
واعتذر له وقال له إياك أن تزدري بأحد فإن مواهب الله تعالى في الصدور لا في الثياب انتهى.
ومن اللطائف ما حكي أن بعض الملوك حاصر ملكاً وأطال في حصاره فلما اشتد به المحاصرة استدعى بوزرائه فقال ما ترون وقد تأخرت بنا هذه الحال هل نسلمه أم نخرج عليه ليلاً ويفعل الله بنا ما يشاء فقال بعض وزرائه قد بدا لي رأي أرى أنهم ينصرفون به عنا من غير قتال فقال ما هو قال يجمع مولاي ما في خزانته من الذهب ويحضره فلما أحضره استدعى بالصياغ وأمرهم أن يصوغوه جميعه سهاما زنة كل سهم قدر معلوم فعملت على الأمر المذكور فكتب الوزير على كل نصل سطرين ثم أمر أن