ومن المستعذب ما يحكى عن الفضل قال دخلت على الرشيد وبين يديه طبق ورد وعنده جاريته مارية وكانت تحسن الشعر والأدب مع الحسن والجمال فقال يا فضل قل في هذا الورد فأنشده بديها:
كأنهّا فم محبوبٍ يقبِّله ... فم الحبيب وقد أبدى به خجلا
فقال الرشيد ما تقولين يا مارية فأنشدته:
كأنّه لون خدي حين تدفعني ... كفُّ الرشيد لأمرٍ يوجب الغسلا
فقال الرشيد قم يا فضل فقد هيجتني هذه الماجنة فقمت وقد أرخيت الستور.
ومن الغايات التي لا تدرك ما حكاه الشريف المقّري في شرح بديعته أن صائغا نصرانياً اسمه نجم صاغ خاتماً لبعض أولاد وزراء بيت المقدس وكان اسمه يحيى فنقش عليه نجم عشق يحيى ودفعه له فلما قرأه طاش عقله وامتلأ غيظاً وذهب إلى أبيه وقال له اقرأ ما على هذا الخاتم فلما قرأه حصل في نفسه تأثير فأرسل خلفه وعقد مجلساً لدى القاضي وأراد قتله فلما حضر أعلم بذلك فقال ما ذنبي وأنتم تروون عن نبيكم: من قتل ذميا كنت خصمه يوم القيامة فقال له أو تتكلم وخطك يشهد عليك كيف تكتب نَجَمَ عشق يحيى فقال والله ما كتبت إلا ما تتبركون به في كتابكم فكتبت نجم عشق يحيى فطرب المجلس لذلك واستحسنوا ذكاءه وأشاروا عليه بالإسلام فهذا من الاتفاق العجيب.