القاضي إلى فيروز وقال له ما تقول يا غلام فقال فيروز أيها القاضي قد استلمت هذا البستان وسلمته إليه أحسن ما كان فقال القاضي هل سلم إليك البستان كما كان قال نعم ولكن أريد منه السبب لرده قال القاضي ما قولك قال والله يا مولاي ما رددت البستان كراهية فيه وإنما جئت يوما من الأيام فوجدت فيه أثر الأسد فخفت أن يغتالني فحرمت دخول البستان إكراماً للأسد قال وكان الملك متكئاً فاستوى جالساً وقال يا فيروز إرجع إلى بستانك آمناً مطمئناً فوالله أن الأسد دخل البستان ولم يؤثر فيه أثراً ولا التمس منه ورقا ولا تمرا ولا شيئاً ولم يلبث فيه غير لحظة يسيرة وخرج من غير بأس، والله ما رأيت مثل بستانك ولا أشد احترازاً من حيطانه على شجره قال فرجع فيروز إلى داره ورد زوجته ولم يعلم القاضي ولا غيره بشيء من ذلك.
وحكي أن الحجاج سأل يوماً الغضبان بن القبعثري عن مسائل يمتحنه فيها من جملتها أنه قال له: من أكرم الناس قال أفقههم في الدين وأصدقهم لليمين وأبذلهم للمسلمين وأكرمهم للمهانين وأطعمهم للمساكين قال فمن ألأم الناس قال المعطي على الهوان والمقتر على الخوان الكثير الألوان قال فمن شر الناس قال أطولهم جفوة وأدومهم صبوة وأكثرهم خلوة وأشدهم قسوة قال فمن أشجع الناس قال أضربهم بالسيف وأقراهم للضيف وأتركهم للحيف قال فمن أجبن الناس قال المتأخر عن الصفوف المنقبض عن الزحوف المرتعش