للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا ما أتاه الركب من نحو أرضه ... تنشّق يستسقي برائحة الركب

ونمنت بعما فلما سمع الرشيد الصوت علم انها قد اشتاقت الى العراق واهلها وامر برادها واما شعرها:

إنّي كثرت عليه في زيارته ... فملَّ والشيء مملولُ إذا كثرا

ورابني منه أنّي لا أزال ارى ... في طرفه قصراً عنّي إذا نظرا

انتهى.

لطيفة يحكى أن عبد الملك بن مروان جمع بن أبي ربيعة وكثيرة عزة وجميل بثينة وأحضر لديه ناقة موقرة ودعاهم وقال ينشد كل واحد منكم بيتاً في الغزل فأيكم كان أبدع فهي له بما عليها فقال جميل:

ولو أنَّ راقي الموت يرقى جنازتي ... بمنطقها في العالمين حييتُ

وقال كثير:

وسعى إليَّ بعيب عزّة نسوةُ ... جعل الإله خدودهنَّ نعالها

وقال عمر بن أبي ربيعة:

فليت الثريا في المنام ضجيعتي ... لدى الجنة الخضراء أو في جهنَّم

فقال له عبد الملك خذها يا صاحب جهنم والثريا هي بنت علي بن عبد الله الأموية تزوجها سهل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري فقال فيه عمر:

أيُّها المنكحُ الثريّا سهيلاً ... عمرُك الله كيف يلتقيان

هي شاميةٌ إذا ما استقلَّت ... وسهيلٌ إذا استقلّ يماني

وكان يتشبب بذكرها كثيراً.

حكي أنها واعدته يوما فجاءت في الوقت الذي وعدته به فصادفت أخاه الحرث قد نام مكانه فلم يشعر الحرث إلا والثريا قد ألقت نفسها عليه فانتبه وجعل يقول اغربي عني فلست بالفاسق أخزاكما الله فانصرفت فلما جاء عمر أخبره الحرث بذلك فاغتم لفواتها وقال له أيم الله لا تمسك أبدا وقد ألقت نفسها عليك فقال له الحرث عليك وعليها لعنة الله. ومات عمر بعد أن تاب وأحسن التوبة وقد عاش ثمانين سنة ويقال إنه تغزل أربعين سنة وتنسك أربعين سنة رحمه الله تعالى.

روي أنه عرضت جارية على الرشيد ليشتريها فطلب بها البائع مبلغا جليلا فقال الرشيد أنا أعرض عليها بيتا إن أجابت عنه أعطيتك ما تقول وزدتك والتفت إليها وقال:

ماذا تقولين فيمن شفّه ارقٌ ... من أجل حبّك حتى صار حيرانا

فقالت بديها:

إذا رأينا محبّاً قد أضرّ به ... أمر الصبابة أوليناه إحسانا

فأعجبه جوابها واشتراها.

ومن اللطائف ما حكي عن الشيخ يحيى المسالخي أنه لما قدم إلى دمشق الشام، وقرأ في الجامع الأموي،

<<  <  ج: ص:  >  >>