المناطق الجنوبية. وكان من مقدمات البحث فيها فضول بعض الرحالة الأجانب للتعرف على الأماكن الإسلامية المقدسة، وتتبع آثار الأنباط الكبيرة التى انتشرت في جنوب الأردن وامتدت حتى شمال المناطق الحجازية. وكانت عمائرها في الأردن واضحة معروفة وإن لم تكن نصوصها قد حلت رموزها بعد. وجدير بالذكر أن رحالة يدعى عبد الغني بن أحمد بن إبراهيم النابلسي أخرج كتابًا فى عام ١٦٩٣ بعنوان الحقيقة والمجاز في رحلة بلاد الشام ومصر والحجاز وصف في سياقه بعض آثار مدائن صالح والحجر ومغاير شعيب واستنسخ بعض نقوشها، وسبق غيره من الغربيين فى هذا السبيل.
وكما حدث فى الجنوب العربي لم تتعمد الجهود الأولي للرحالة الأوروبيين الكشف العلمي مباشرة عن الحضارات القديمة، وإنما صاحبتها رغبة التعرف على ثروات البلاد الطبيعية ودراسة حياة البدو. وكانت أغلب رحلاتهم في شبه الجزيرة استمراراً لرحلاتهم الأخرى في بوادى الشام وفلسطين ومناطق الخليج العربي.
وعلى الرغم من تحريم دخول المدينتين المقدستين على غير المسلمين ترحيمًا قاطعًا، فقد استطاع بعضهم دخولها. وكان في تعدد أجناس الحجاج وتنوع هيئاتهم فرصة لبعض الأوروبيين الذين تظاهروا بالإسلام واستخفوا في
هيئات شتى لم تكشف عن أجنبيتهم. وعن هذا الطريق تسلل عدد منهم إلى المدينتين المقدستين منذ بداية القرن السادس عشر، ومن أوائلهم الأسباني Badia Leblich Domingo الذي تنكر تحت اسم على بك ووصف الأماكن المقدسة فى مكة وماحولها.
وكما مهدت رحلة نيبور للدراسات الحديثة فى الجنوب العربي، مهدت رحلة السويسري لودفيج بوركهارت J.L.Burckhardt السبيل لدراسات الأجزاء الشمالية الغربية من شبه الجزيرة. وقد أشهر إسلامه وتسمى .. إبراهيم بن عبد الله، وخرج من القاهرة إلى جدة فى عام ١٨١٤. وزار مكة والطائف وتتبع الطريق الساحلي، وربما دخل الحجر. ووصل المدينة عام ١٨١٥. ثم عاد إلى ينبع ومنها إلى القاهرة. وحاول أن يكون دقيقًا فى تسجيل ما شاهده فى رحلته وما نشره عنها. ولم يكن بوركهات آثاريًا ولكنه فتح الطريق أمام المهتمين بالآثار.
وكان إدوارد روبل أو أوروبي يزور مغاير شعيب وآثارها فى العصر الحديث.
وإلى جانب الرحالة الأوربيين العاديين والمندوبين السياسيين الذين زاروا أراضي الدولة السعودية فى منتصف القرن التاسع عشر (مثل فالين. وسادليير)،