للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في مؤلفاتهم بين العشرة، والأحد عشر، والتسعة والعشرين، بل والأربعة والتسعين، وكانت في أغلبها صفات قد يسهل تفسير القليل منها وتعليله، بينما تصعب معرفة مدلول الكثير منها أو تحليله. وكان اسم يثرب من أقدمها، أو هو أثرب، وقد يكونان لهجتين لمسمى واحد كان يشغل جزءًا من المدينة غرب مشهد حمزة الحالي، ثم عم عليها. ومن الأهمية بمكان أن ذكر نص للملك نابونهيد آخر ملوك بابل الكلدانية في منتصف القرن السادس قبل الميلاد، اسم أتربيو في نهاية توسعه بجيوشه في أرض الحجاز، وخلال محاولته السيطرة على عواصم الطريق التجاري الكبير بين غرب شبه الجزيرة وبلاد الشام. وحدث هذا التسجيل بطبيعة الحال بعد نشأة يثرب فيما قبل القرن السادس ق. م بعهود طويلة.

وتضمنت بعض النصوص المعينية القديمة اسم يثرب أيضًا، كما ذكره الرحالة بطلميوس السكندري في منتصف القرن الثاني للميلاد، بصيغتي Iathrip- Pa or Jathrippe، وأشار إليه اسطفانوس البيزنطي باسم Iathrippa Polis أي مدينة يثرب، وذلك بما يدل على أنها كانت قد استكملت الطابع المدني وتميزت به عما حولها من أراضي الزراعة ومضارب البدو. وتأيد هذا في تسميتها العربية المدينة التي قد تعبر عن هذا التحول، وتكون عربية الأصل، إن لم تكن مشتقة من لفظ آرامي قديم عبر العبرانيون عنه بصيغة مدينتو أو مدينتا بنفس معناه العربي أو بمعنى الحمى. وعندما دخل الإسلام يثرب استحب الرسول لها اسم المدينة وصفة طيبة أو طابة دون اسم يثرب الذي قيل: إنه قد يعني معنى الفساد أو التثريب أي المؤاخذة بالذنب. وشاعت للمدينة صفات أخرى من أهمها: أم القرى المدينة، والجارة والمجيرة والمجبورة. والبحرة والبحيرة .. إلخ.

أدي خصب يثرب وثراؤها النسبي إلى كثرة عمرانها، وأدى موقعها والظروف التي مرت بها إلى تعدد طوائف سكانها. وهي طوائف يصعب تحديد مسمياتها الأولى، ولم يجد النسابون لديهم إلا أن يجعلوا من أقدمها طائفة العماليق ذات الصيغة شبه الأسطورية، كما أشاروا إلى بطون متأخرة من جذام وبلى وسليم ومن قيس عيلان وغيرها ظلت بقاياها خارج المدينة حتى العصر الجاهلي، وربماكانت في الأصل بداخلها حتى غلبها غيرها على أمرها وأخرجها منها. وفازت بالشهرة أكثر منها قبائل ذات أصول قحطانية اختطلت بالعدنانية، وبقيت منها في العصر الجاهليطوائف الأوس والخزرج ببطونها الكثيرة. وجاورتها طوائف عبرية بقي منها في العصر الجاهلي أيضاً بنو النضير وقينقاع وقريظة، وبطون غيرها صغيرة. ولعل ما يقال عن تداخل الجماعات ذات الأصول القحطانية والعدنانية في يثرب يشبه ما كانت الحال عليه قديمًا في لحيان وتيماء وغيرها من حيث نزول جاليات تجارية عربية جنوبية معينية وسبأية في أرضها لكي ترعى

<<  <   >  >>