للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د) ردت الأساطير الحبشية نسب أسرتها المليكة القديمة إلى سليمان وماقدة ملكة سبأ أو بلقيس ملكة سبأ. وربما تواتر خبر هذه النسبة المزعومة إلى الأحباش عن طريق أسلافهم القدامى، أو عن طريق جيرانهم السبأيين الجنوبيين، أو عن طريق رواة العبرانيين الذين اتصلوا بهم منذ أواخر القرن الرابع ق. م. وهي على أي وجه من هذه الوجوه تشير إلى أن دولة الجدة ما قدة التى انتسب ملوكهم إليها، إن حقًا وإن ادعاء، كانت في أغلب الظن قريبة من بلدهم أي في جنوب شبه الجزيرة العربية.

وعلى أية حال فإنه يبدو أنه إلى جانب الكسب الديني الذي اكتسبه سليمان بتحويل حاكمة سبأ من عبادة الشمس إلى عقيدة التوحيد كما ذكر القرآن الكريم، كان هناك كسب اقتصادي آخر، إذ يسرت الصلة بينه وبين سبأ الانتفاع بطريق قوافل الإبل السبأية الجديدة التى تحمل منتجات البخور الجنوبية إلى دولته، وهو طريق يعتبر أقل نفقة وأخطارًا من طريق نقل المتاجر بأسطول سليمان عبر البحر الأحمر إلى أوفير التى ذكرتها التوراة، كما أنه أقل تكلفة قطعًا من طريق الوساطة عبر الخليج العربي والعراق إلى فلسطين. وقد روت التوراة أن ملكة سبأ حين قصدت سليمان أتت إليه بحاشية كبيرة وجمال تحمل الطيوب وذهبًا كثيرًا وأحجارًا كريمة وقالت كذلك، ولما سمعت ملكة سبأ عن اهتمام سليمان باسم الرب أتت تمتحنه بأسئلة صعبة. وأشار القرآن الكريم إلى هدايا حاكمة سبأ إلى سليمان ورفضه قبولها وتفضيله دعوتها إلى ديانة التوحيد.

وبقي أخيرًا أنه إذا اعتبرت الحجة الأولى لنظرية هومل وأصحابه باستبعاد سفر الحاكمة السبأية من الجنوب العربي إلى فلسطين حجة غير ذات موضوع نظرًا لترجيح استخدام الإبل في السفر في عصرها، فإن الحجة الثانية لها لا تزال بغير رد شاف حتى الآن، وهي: لماذا لم تتضمن النصوص السبأية القديمة المعروفة اسم ملكة وليت عرش قومها في الجنوب؟ ولعل ما يمكن أن يرد به حتى الآن على هذا التساؤل هو أن الأمر قد يرجع إلى محض المصادفة، بمعنى أن أرض سبأ الجنوبية لا تزال تتضمن نصوصًا قديمة لم تكتشف بعد، هذا إذا كانت الكتابة قد عرفت فعلًا في عهد تلك السيدة التى قرئت رسالة سليمان في حضرتها أو تلت هي مضمونها وطلبت التشاور فيها.

ثانيًا: ذكرت النصوص الآشورية السبأيين وحاكمين لهم في ثلاث مناسبات ترجع إلى أعوام ٧٣٨ و ٧١٤ و ٦٨٥ ق. م. فذكر نص للملك الآشوري تيجلات بيليسر الثالث في عام ٧٣٨ق. م. أنه تلقى جزى السبأيين من الذهب والإبل والتوابل. وأكد نص للملك سرجون الثاني ملك آشور في عام ٧٢٤ق. م.

<<  <   >  >>