وقد تولى الإمام محمد بن عبد الوهاب بنفسه إيضاح مبررات قتالهم لأعدائهم في الرسالة القيمة التي بعث بها رحمه الله إلى عالم العراق عبد الرحمن بن عبد الله السويدي الذي كان قد سأله عما يقول الناس فيه فكان في آخر جوابه حيثيات قتال أهل الدرعية لخصومهم فقال: "وأما القتال فلم نقاتل أحدا إلى اليوم إلا دون النفس والحرمة وهم الذين أتونا في ديارنا ولا أبقوا ممكنا ولكن قد نقاتل بعضهم على سبيل المقابلة {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} وكذلك من جاهر بسب دين الرسول بعد ما عرفه والسلام١
ويوضح مدى صبر الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه على الأذى الذي أصابهم في سبيل الدعوة الإصلاحية في نجد ما سجله المؤرخون عن المعارك التي قامت بين أنصار الدعوة وخصومها وما قدم فيها من التضحية بخيرة الرجال ونفائس الأموال دون أن يثني ذلك من عزيمتهم أو يفت في سواعدهم بل ظلوا على ذلك صامدين حتى أظهرهم الله على خصومهم وأعز الله بهم الدين.
ومع أن الحملة المدمرة التي قادها إبراهيم باشا القائد التركي والجيوش الهائلة التي جرها على هذه المنطقة وسكانها مع ما حملته معها من وسائل الدمار والغدر والظلم والقسوة التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا قد حققت نصرا سياسيا على هذه الدولة ما لبثت الدعوة الإصلاحية في نجد بعد عودة الجيوش العثمانية أن استعادت مكانتها وقامت بما أوجب الله عليها وأعادت لنفسها قوتها السياسية والروحية والجهادية، وظل أثر الخير في منطقة نجد باقيا إلى يومنا هذا والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
١ مؤلفات محمد بن عبد الوهاب القسم الخامس – الرسائل الشخصية الرسالة الخامة ص ٨ ٣.