فلا يفترون في معارضتهم الوضع السياسي وقيامهم في وجه الخليفة على مر العصور.
والخوارج يعتمدون في منهجهم السياسي على الثورات المسلحة والهجمات المضادة للخلافة. أما الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فلم يرد على هذه المقولة بشيء ولا نعرف سبب إعراضه عنها. وقد يقال إن هذا الإعراض غير وارد على الدعوة التي قامت في وسط شبه الجزيرة العرب، وهي بقعة من أرض الإسلام لم تمتد إليها يد الخلافة ولم تقم بواجبها نحوها بأي شكل من الإشكال بل تركتها فريسة للفوضى السياسية والاجتماعية والدينية وغيرها. فإذا قام أهلها بما يصلح حياتهم ويصحح عقيدتهم ويؤمن خائفهم ويحفظ بلادهم مما لم تجعل الخلافة العثمانية ذلك كله من مسئولياتها فهل يكون لها حق لاعتراض على أهل أرض متروكة مهملة ومتى اعتبرتهم الخلافة من رعاياها حتى تعترض على خروجهم عنها.
أما ما بلغ الخلافة العثمانية عن حركة الإصلاح والتجديد من أنها حركة غلاة وخوارج على الدين يستحلون دماء المسلمين وأمولهم ويصدون عن سبيل الله، فإن هذا المنطق هو منطق المعارضة الداخلية التي رفضت قبول الدعوة لأسباب مشابهة لأسباب المعارضة الخارجية. فإن المعارضة الداخلية من أسباب رفضها للدعوة أن الدخول في الدعوة يعنى الخضوع لأميرها والسمع والطاعة له والمعارضة الخارجية ترفض استمرار قيام هذه الدعوة لأن قيامها يعني الخروج على سلطان الخلافة العثمانية. والمسألة مأخوذة على أنها سياسية وخروج على الخلافة. ولو كانت مسألة دينية لوجب مناقشة كل ما أثير حول هذه الحركة وإجراء جوار علمي يهدف إلى الوصول إلى حقيقة ما أثير حول هذه الدعوة وإمامها. فإن ظهر أنها على الحق وجب الكف عنها، وإن ظهرت أنها حركة خوارج – كما يقال – أمكن القيام ضدها وصار الواجب الرجوع في تحقيق هذه المسألة الدينية إلى نصوص الشريعة كتابا وسنة وإجماعا واجتهادا على يد علماء الشريعة لا على يد السياسيين والعسكريين فقط.
ومن أجل هذا وغيره التقت مصالح المعارضة الخارجية والداخلية على الإجهاز على هذه الدعوة والقضاء على قادتها. ومن أجل ذلك أصدرت الفتاوى الشرعية،