للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يجوز أن يرفع اليقين بالظن كما أنه يلزم أن تحكم على أن كل الأمة على ضلالة لأنهم ما بين فاعل لذلك وما بين مقر به. ويلزم منه كذلك تكفير المسلمين كلهم منذ ستمائة سنة وهذا أمر عظيم لا يجوز للمسلم أن يقوله على نفسه ولا على غيره مع أن النهي الوارد في القرآن الكريم عن الشرك إنما جاء في عبادة الأصنام واتخاذها معبودات من دون الله وليس المقصود بها ما عليه الناس اليوم.

والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يرى أن ما يفعله العامة في نجد وما يفعله أمثالهم عند قبور الأولياء الصالحين في العالم الإسلامي من أنواع الشرك الأكثر لما فيه من الشرك بالله في الدعوة والعبادة وأن صرف أي نوع من أنواع العبادة التي لا تصلح إلا لله وحده شرك فلا يجوز صرفها إلى ملك مقرب ولا إلى نبي مرسل وذكر في أكثر من موضع من رسائله وكتبه أن النطق بكلمة لا إله إلا الله لا تنفع صاحبها إلا إذا عرف معناها وعمل بمقتضاها وحقق ما تضمنته من نفي وإثبات وعمل بشروطها، وأن الاعتقاد بأن الله هو النافع الضار الخالق الرازق المدبر وهو يعرف بتوحيد الربوبية لا يكفي للدخول في الإسلام إذ أن الكفار والذين بعثت إليهم الرسل في مختلف العصور كانوا يقرون بتوحيد الربوبية ولا ينكرون منها شيئا ولكنهم إنما اختصموا مع رسلهم في توحيد العبادة والقصد وهو توحيد الله بأفعال العباد وتوجههم. ومن لم يحقق توحيد الألوهية الذي بعثت به الرسل لم يدخل في الإسلام. والذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من كفار قريش وغيرهم كانوا يقرون بتوحيد الربوبية ولا ينكرون وكذلك المرتدون الذين قاتلهم أبو بكر مثل مسيلمة الكذاب والأسود وغيرهم كانوا يقرون بتوحيد الربوبية وإنما أنكروا بعض فرائض الإسلام والمعلومة من الدين بالضرورة فقاتلهم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليله على ذلك.

وأما قصد القبور وزيارتها للعظة والاعتبار فليس ما يفعله العامة عند قبر زيد بن الخطاب في نجد ولا عند قبر عبد القادر الجيلاني في العراق ولا عند قبر البدوي في مصر من أهل هذا القبيل بل إنها زيارة وطواف وعكوف عليها وقصد لطلب النفع والضر رفع للبلاء أو دفعه. وهم في زياراتهم ينخون ويندبون ويطلبون المدد والنصرة والعفو والمغفرة، ويسألون بجاههم ويكتبون مطالبهم التي لا يجوز طلبها إلا

<<  <   >  >>