من الله سبحانه لأنها لا يقدرون عليها إلا هو سبحانه وتعالى وهم مع هذا يصرحون لها أنواعا من العبادة كالذبح عندها والنذر وغير ذلك من الأعمال الشركية التي تشبه ما كان يفعله الناس في الجاهلية الذين قال الله فيهم:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}
وأما أن ما يصدر من العامة عند الأضرحة والقبور من باب الخطأ والجهل ولا يجوز أن يكفروا ويحكم عليهم بالكفر والشرك مع جهلهم فإن الشيخ رحمه الله تعالى ذكر في عدة رسائل أنه لا يكفر إلا بعد التعريف بدين الله وبيان الحكم الشرعي بالدليل من الكتاب والسنة فإذا عرف المدعو الحق بدليله ثم أصر على عمله المخالف أطلق عليه الوصف الذي تقتضيه النصوص الشرعية، يكفر من عرف توحيد الألوهية ومعنى لا إله إلا الله ثم أصر على دعوة الأحياء أو الأموات من دون الله أو جعلهم وسائط بينه وبين الله فقد ذكر في الرسالة التي أجاب فيها على رسالة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السويدي من علماء العراق ما نصه:"وأما التكفير فأنا أكفر من عرف دين الرسول ثم بعد ما عرفه سبه ونهى الناس عنه وعادى من فعله فهذا هو الذي أكفره وأكثر الأمة ولله الحمد ليسوا كذلك "١
وأما طلب الدعوة من الأحياء الصلحاء بأن يشركوا المرء في دعائهم لربهم أو يدعوا لهم أو فعل عمر مع عم النبي صلى الله عليه وسلم فليس من قبيل ما يفعل عند قبور الأولياء والصالحين فإنك تطلب من الحي أن يدعو لك أو يشركك في دعائه بأن تطلب منه أن يدعو الله بأن يغيب عباده فأنت تدعو حيا قادرا على التوجه بدعائه إلى الله. وهذا جائز لدلالة النصوص الشرعية على جوازه وأنه ليس من باب الشرك ولا اتخاذ الوسائط بين الله وبين عباده. أما أصحاب القبور فهم لا يسمعون دعاء من يدعوهم ولا يستطيعون إجابتهم، وهو عمل مشابه لأعمال المشركين في الجاهلية التي وردت النصوص الشرعية بإبطالها وبتسميتها بالشرك. وأما التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة
١ القسم الخامس من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسائل الشخصية الرسالة رقم ٥,ص٣٨. كما ذكر هذا النص في الرسالة رقم ٢٢،ص ١٥٨.