كما فعل أصحاب الغار الثلاثة فهذا جائز، وليس فيه دليل على جواز ما يفعل عند الأضرحة من الشرك بالله في الدعاء والعبادة. وغاية ما فيه "أنه التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة من البر والتقوى والأمانة وصلة الأرحام والعفاف وهو أمر مشروع كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} والوسيلة: هي ما شرعه الله ورضيه من الأعمال والأقوال الصالحة، وأين في شرعه أن يسأل العبد ربه بعبد من عبيده مخلوق من خلقه"١
وحق السائلين وما جعله للماشي إلى الصلاة والسائلين من الإجابة والإنابة هو حق أوجبه الله على نفسه لعبده فضلا منه وإحسانا. فجاز التوسل به وليس في ذلك دليل على جواز التوسل بذوات المخلوقين.
والشيخ محمد بن عبد الوهاب يرى أن ما يفعله عند الأضرحة من دعوة أربابها وقصدهم لرفع البلاء ودفعه وندبهم وطلب المدد منهم هو الشرك، وأن الواجب أن يبين لهم الحكم الشرعي، ويطلب منهم تصحيح العقيدة والكف عن مظاهر الشرك. ومن أصر بعد العلم على الاستمرار في شركه حكم بكفره وأنه مشرك.
ويرى أن الحكم لا يكون على العقيدة المضمرة أو النوايا الخفية وإنما تبنى الأحكام الشرعية على الأفعال الظاهرة. وهذه الأفعال التي تتم عند قبور الصالحين هي إعمال شركية ظاهرة. يعلن الشرك فيها عن نفسه على ألسنتهم وفي تصرفاتهم ولهذا فإنه لا يتردد في الحكم بالكفر على من هذا ظاهر أعماله بعد علمه بالحكم وبيان الواجب عليه.
وفرائض الإسلام وأعمال البر والخير لا تكون صحيحة إلا إذا قامت على عقيدة التوحيد الخالص من شوائب الشرك الأكبر. والمشركون كانوا يقومون ببعض الأعمال الخيرة من بر وصلة وتعاون وعدل ولم يمنع ذلك كله من تكفيرهم وقتالهم. قال الله
١ مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ص١٧٨.