سبحانه وتعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} ويقول سبحانه {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} يعني المشركين وأعمالهم الصالحة وأن الشرك يبطلها ويذهب الانتفاع بها.
والطلب بجاه الأنبياء والصالحين والتوسل بهم إلى الله لمقامهم عنده سبحانه هو في عرف عباد القبور وأنصارهم فصد الصالحين ودعائهم وعبادتهم مع الله ولقد سماه الله ورسوله شركا في العبادة وعده الصحابة والتابعون لهم بإحسان من الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام. واختلاف الشيخ رحمه الله مع معاصريه في مدى جواز إطلاق الشرك على ما يفعله المعاصرون له عند قبور الأولياء والصالحين أو عدم جوازه قضية أساسية في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دار حولها نقاش طويل ولهذا فمن الصعب نقل ما ذكره الشيخ في هذا المجال لأنه لا تكاد رسالة من رسائله تخلو من تناول هذه القضية بإسهاب تارة وباختصار تارة أخرى، ويحسن بنا أن ننقل قطعة موجزة من نصه في هذه القضية، وعلى الباحث أن يرجع إلى رسائل الشيخ الشخصية وكتبه حول هذا الموضوع وما تفرع فإنها حوله تدندن يقول الشيخ رحمه الله في الرسالة العامة التي بعث بها إلى عموم المسلمين عن خصومه مثل أولاد شمسان وأولاد مويس "فلما رأوني آمر الناس بما أمرهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم أن لا يعبدوا إلا الله وأن من دعا عبد القادر فهو كافر وعبد القادر منه بريء وكذلك من نخا الصالحين أو الأنبياء أو ندبهم أو سجد لهم أو نذر لهم أو قصدهم بشيء من أنواع العبادة التي هي حق الله على العبيد. وكل إنسان يعرف أمر الله ورسوله ولا ينكر هذا الأمر بل يقر به ويعرفه. وأما الذي ينكره فهو بين أمرين: إن قال إن دعوة الصالحين واستغاثتهم والنذر لهم وصيرورة الإنسان فقيرا إليهم أمر حسن ولو ذكر الله ورسوله أنه كفر فهو مصر بتكذيب الله ورسوله ولا خفاء في كفره فليس لنا معه كلام. وإنما كلامنا مع رجل يؤمن بالله واليوم الآخر ويحب ما أحب الله ورسوله ويبغض ما أبغض الله ورسوله ولكنه جاهل قد لبست عليه الشياطين دينه ويظن أن الاعتقاد في الصالحين حق ولو يدري أنه كفر يدخل صاحبه في النار ما فعله"