ونحن نبين لهذا ما يوضح الأمر فنقول:"الذي يجب على المسلم أن يتبع أمر الله ورسوله ويسأل عنه. والله سبحانه أنزل القرآن وذكر فيه ما يحبه ويبغضه وبين لنا فيه ديننا. وكذلك محمد صلي الله عليه وسلم أفضل الأنبياء. فليس على وجه الأرض أحد أحب إلى أصحابه منه وهم يحبونه على أنفسهم وأولادهم ويعرفون أيضا الشرك والأيمان. فإن كان أحد من المسلمين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعاه أو نذر له أو ندبه، أو أحد من أصحابه جاء عند قبره بعد موته يسأله أو يندبه أو يدخل عليه للالتجاء له عند القبر، فاعرف أن هذا الأمر صحيح حسن ولا تطعني ولا غيري وإن كان إذا سألت إذ أنه صلى الله عليه وسلم تبرأ ممن اعتقد في الأنبياء والصالحين وقتلهم وسباهم وأولادهم وأخذ أموالهم وحكم بكفرهم فاعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق، والواجب على كل مؤمن اتباعه فيما جاء به".
وبالجملة: فالذي أنكره الاعتقاد في غير الله مما لا يجوز لغيره. فإن كنت قلته من عندي فارم به، أومن كتاب لقيته ليس عليه عمل فارم به كذلك، أو نقلته عن أهل مذهبي فارم به، وإن كنت قلته عن أمر الله ورسوله وعما أجمع عليه العلماء في كل مذهب فلا ينبغي لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يعرض عنه لأجل أهل زمانه أو هل بلده، وإن أكثر الناس في زمانه أعرضوا عنه١
وقال في موضع آخر ردا على من زعم أن الذم الوارد في القرآن الكريم في اتخاذ الوسائط بين الله وبين خلقه، وأن الكفار الذين نزل فيهم القرآن كانوا يعتقدون في الأصنام، وهي غير ما عليه القبوريون، إذ هم يعظمون أنبياء وأولياء وصالحين لهم مقام عظيم عند الله، وفرق بين هؤلاء وبين أصنام الجاهلية، يقول رحمه الله: "فإذا تحققت أن العلي الأعلى تبارك وتعالى ذكر في كتابه أنهم يعتقدون في الصالحين، وأنهم لم يريدوا إلا الشفاعة عند الله والتقرب إليه بالاعتقاد في الصالحين، وعرفت أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين من اعتقد في الأصنام وبين من اعتقد في الصالحين، بل
١ القسم الخامس من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسائل الشخصية الرسالة رقم٨ص٥٣.