المنهج الذي نهجه ابن عبد الوهاب ليشبه شبها كبيرا ذلك الذي نهجه الخلفاء الراشدون كأبي بكر وعمر ١".
ومن أجل هذا كله فإن هذه الدولة الإسلامية قامت في نفوس أتباعها قبل أن تقوم ككيان سياسي في واقع الحياة، ولأجل ذلك فإنها لما استؤصلت في الدور الأول على يد إبراهيم باشا ككيان سياسي سارع أتبعها إلى إعادة بنائها تحت قيادة الإمام تركي بن عبد الله. ثم لما انتهى عهدها الثاني أعيد مرة ثالثة على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل رحمه الله، إذ أن الأمة المسلمة في شبه الجزيرة العربية تحن إلى هذه الدعوة المخلصة حنين الأم إلى وليدها كلما فقدته لما تحقق فيها من التلاحم الشديد بين الدين والحياة الأخرى وأمور المعاش وتأمين المعاد.
١- تحقيق الأمن والرخاء:
تعطى المصادر التاريخية عن فترة حكم الإمام عبد العزيز بن محمد والإمام سعود وعبد الله في هذا الدور الأول من الحكم السعودي صورة مضيئة عما تحقق في هذه الفترة لكل الأقاليم التي بسطت هذه الدولة نفوذها عليها وأن الناس عاشوا في ظلها حياة هانئة سعيدة ينعمون فيها بالأمن الوارف الظلال والرخاء والرغد في العيش والسعة في موارد الرزق، وأن الله قد أبدل حياة الناس في الدرعية التي كانت في بداية الدعوة في غاية من الضيق والشدة بالرفاه والسعة وكثرة الخيرات. فقد تحدث الشيخ عثمان بن بشر في تاريخه عن سيرة الإمام عبد العزيز بن محمد وما تحقق للناس في ظل حكمه فقال: "وكانت الأقطار والرعية في زمنه مطمئنة في عيشة هنيئة وهو حقيق بأن يلقب مهدي زمانه لأن الشخص الواحد يسافر بالأموال العظيمة أي وقت شاء شتاء أو صيفا، يمنا أو شاما، شرقا وغربا، في نجد والحجاز واليمن وتهامة وغير ذلك، لا يخشى أحدا إلا الله لا سارقا ولا مكابرا. وكانت جميع بلدان نجد من العارض والخرج والقصيم والوشم والجنوب وغير ذلك من النواحي في أيام الربيع
١ حاضر العالم الإسلامي تأليف لوثروب الأمريكي ج١ص٢٦١.