بقدر ما تفرط فيه من أمر دينها حتى وصلت إلى حالة من الضعف الذي أطمع فيها الأعداء.
فقد بدأت الدولة الإسلامية الأموية في الأندلس التي عاصرت الدولة العباسية في المشرق بدولة إسلامية خالصة موحدة ومضت في هذا الاتجاه فترة طويلة حتى دب إليها داء الأمم قبلها ووصلت إلى ما يعرف بدويلات ملوك الطوائف ثم انتهت بغروب شمس الإسلام في الأندلس.
وظلت الشعوب الإسلامية في المشرق الإسلامي معتزة بدينها ومحافظة على تراثها عاملة قدر مستطاعها على الأخذ بمبادئ الإسلام في مختلف شئون حياتها، إلا أنها ظلت تفتقر إلى القيادة السياسية الموحدة التي تجمع كلمتها وتوحد صفوفها وترص بناءها وتعمل على نشر دينها ودحر أعدائها والوقوف القوي في وجه أطماع الغرب المسيحي والشرق المغولي بعده، ووجد أعداء هذا الدين الفرصة سانحة للانقضاض على هذه الأمة بضعف عقيدتها في النفوس واحتلال مقدساتها، ولهذا فقد تعرضت هذه الأمة لموجتين متتاليتين من الغزو هما:
١- الغزو الصليبي من الغرب الأوروبي.
٢- الغزو المغولي من الشرق الآسيوي.
وإذا كانت الحملة الصليبية الأولى التي قامت بها الدول الأوروبية المسيحية لم تنجح في تحقيق أهدافها العدوانية على العالم الإسلامي وردت على أعقابها خاسرة، فإنها لم تيأس من تحقيق النصر لا سيما مع ما ظهر من ترد في أحوال المسلمين عاما بعد عام، مما جعلها تعد العدة وتستنفر الناس كافة للجهاد المقدس لاسترداد بيت المقدس وقد تحقق لها بعض مرادها في احتلال القدس والبقاء في فلسطين ما يقارب مائة عام، مع ما ترك هذا الغزو الصليبي المسلح في نفس كل مسلم من ألم وحرقة على ضياع إحدى مقدساته ومسرى رسوله واحتلال جزء من أرضه.
وكان لهذه الحملات الصليبية آثارها المتبادلة بين عالمين هما العالم الإسلامي والعالم المسيحي الأوروبي، وكانت الرابحة في هذا التبادل هي الدول الغربية التي